الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 178 ] ولما كان التقدير: "فعبد - مع أنا تفردنا بالإنعام عليه - غيرنا؛ وخاصم - بما خلقناه له من اللسان؛ وآتيناه من البيان - رسلنا؛ وجميع أهل ودنا"؛ عطف عليه قوله - مقبحا إنكارهم البعث؛ تقبيحا لا يرى أعجب منه؛ ولا أبلغ؛ ولا أدل على التمادي في الضلال؛ والإفراط في الجحود؛ وعقوق الأيادي -: وضرب ؛ أي: هذا الإنسان; وسبب النزول أبي بن خلف الجمحي؛ الذي قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - بـ "أحد"؛ مبارزة؛ فهو المراد بهذا التبكيت بالذات؛ وبالقصد الأول؛ لنا ؛ أي: على ما يعلم من عظمتنا؛ مثلا ؛ أي: آلهته؛ التي عبدها؛ لكونها لا تقدر على شيء؛ مكابرا لعقله في أنه لا شيء يشبهنا؛ ونسي ؛ أي: هذا الذي تصدى على نهاية أصله لمخاصمة الجبار؛ وأبرز صفحته لمجادلته؛ والنسيان هنا يحتمل أن يكون بمعنى الذهول؛ وأن يكون بمعنى الترك؛ خلقه ؛ أي: خلقنا لهذا المخاصم؛ الدال على كمال قدرتنا؛ وأن آلهته التي أشرك بها لا تقدر على شيء؛ فافترق الحال الذي جمعه بالمثل أي افتراق؛ وصارا مقولا له: يا قليل الفطنة! أفمن يخلق كمن لا يخلق؟ أفلا تذكرون؟ ثم استأنف الإخبار عن هذا المثل بالإخبار عن استحالته [ ص: 179 ] لأن يقدر أحد على إحياء الميت؛ كما أن معبوداته لا تقدر على ذلك؛ فقال: قال ؛ أي: على سبيل الإنكار؛ من يحيي

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت العظام أصلب شيء؛ وأبعده عن قبول الحياة؛ لا سيما إذا بليت؛ وأرفتت؛ قال: العظام وهي ؛ ولما أخبر عن المؤنث باسم لما بلي من العظام؛ غير صفة؛ لم يثبت تاء التأنيث؛ فقال: رميم ؛ أي: صارت ترابا يمر مع الرياح.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية