ولما كان التقدير: "فانظروا؛ وازدادوا حسرة أيها المجرمون"؛ عطف عليه قوله: وامتازوا ؛ أي: انفردوا انفرادا هو بغاية القصد؛ وجرى على النمط الماضي من زيادة التهويل لذلك الموقف؛ بإعادة قوله: اليوم ؛ أي: عن عبادي الصالحين؛ أو عمن بقي منهم معكم في الموقف؛ ليظهروا من أوضارهم؛ ويشفوا من مضارهم؛ لأن غيبة الرقيب أتم النعيم؛ وإبعاد العدو أعلى السرور؛ وحذف أداة النداء؛ لا لقرب الكرامة؛ بل للدلالة [ ص: 151 ] على أنهم في القبضة؛ لا مانع من غاية التصرف فيهم لكل ما يراد؛ لأنه لا حائل دونهم؛ أيها المجرمون ؛ أي: العريقون في الإجرام؛ فلا يقع في أوهامكم أنكم تخالطونهم اليوم أصلا؛ وهذا كما كنتم تمتازون عنهم في الدنيا؛ وتقاطعونهم ترفعا؛ واستكبارا؛ فهذا قوله للمجرمين؛ وذلك قوله للمؤمنين؛ فصح أنه قلب؛ لأنه به صلاح بعض المكلفين؛ وفساد الآخرين؛ الذي هو تمام صلاح الأولين؛ وقد تقدم في أوائل سورة "الروم"؛ ما ينفع استحضاره هنا.