ولما كان النظر إلى الترجية أعظم؛ ختم بها؛ إشارة إلى أنه لا يميته - صلى الله عليه وسلم - حتى يقر عينه بأمته كثرة؛ طواعية ونعمة؛ فقال: وأرسلناه ؛ أي: بعظمتنا؛ التي لا يقوم لها شيء؛ ولما لم يتعلق الغرض [ ص: 296 ] بتعيين المرسل إليهم؛ وهل هم الذين أبق عنهم أو لا؛ قال: إلى مائة ألف ؛ والجمهور على أنهم أولا؛ قاله الذين أرسل إليهم أبو حيان ؛ ولما كان العدد الكثير لا يمكن ناظره الوقوع فيه على حقيقة عدده؛ بل يصير - وإن كان أثبت الناس نظرا - يقول: هم كذا؛ يزيدون قليلا؛ أو ينقصونه؛ وتارة يجزم بأنهم لا ينقصون عن كذا؛ وأما الزيادة فممكنة؛ وتارة يغلب على ظنه الزيادة؛ وهو المراد هنا؛ قال: أو يزيدون ؛ لأن الترجية في كثرة الأتباع أقر للعين؛ وأسر للقلب؛ وإفهاما لأن الزيادة واقعة؛ وهؤلاء المرسل إليهم هم أهل نينوى؛ وهم من غير قومه؛ فإن حدود أرض بني إسرائيل الفرات؛ ونينوى من شرقي الفرات؛ بعيدة عنه جدا.