ولما كانت قد جرت - عادتهم عند التخويف - أن يقولوا: عجل لنا هذا إن كنت صادقا فيما ادعيت؛ ومن المقطوع به أنه لا يقدر على ذلك إلا الإله؛ فصاروا كأنهم نسبوه إلى أنه ادعى الإلهية؛ قال (تعالى) - منبها على ذلك؛ آمرا له بالجواب -: قل ؛ أي: لمن يقول لك ذلك؛ إنما أنا منذر ؛ أي: مخوف لمن عصى؛ ولم أدع أني إله؛ ليطلب مني ذلك؛ فإنه لا يقدر على مثله إلا الإله؛ فهو قصر قلب للموصوف على الصفة؛ وأفرد قاصرا للصفة في قوله: وما ؛ وأعرق في النفي بقوله: من إله ؛ أي: معبود بحق؛ لكونه محيطا بصفات الكمال؛ ولما كان السياق للتوحيد؛ الذي هو أصل الدين؛ لفت القول عن مظهر العظمة إلى أعظم منه؛ وأبين؛ فقال: إلا الله ؛ وللإحاطة عبر بالاسم العلم؛ الجامع لجميع الأسماء الحسنى؛ ولو شاركه شيء لم يكن محيطا؛ وللتفرد قال - مبرهنا على ذلك -: الواحد ؛ أي: بكل اعتبار؛ فلا يمكن أن يكون له جزء؛ أو يكون له شبيه؛ فيكون محتاجا مكافئا؛ القهار ؛ أي: الذي يقهر غيره على ما يريد؛ وهذا برهان على أنه الإله وحده؛ وأن آلهتهم بعيدة عن استحقاق الإلهية؛ لتعددها؛ وتكافئها بالمشابهة؛ واحتياجها.