ومن يهد الله ؛ أي: الذي لا يعجزه شيء أبدا؛ فما له من مضل ؛ فهو - سبحانه - يهدي من شاء منهم؛ إن أراد.
ولما لم تبق شبهة؛ ولا شيء من شك؛ أن الهادي المضل إنما هو الله؛ وحده؛ وأنه جعل شيئا واحدا سببا لضلال قوم؛ ليكون ضلالهم [ ص: 511 ] في الظاهر علة للنقمة؛ وهدى لآخرين؛ فيكون هداهم سببا للنعمة؛ بلغ النهاية في الحسن قوله: أليس الله ؛ أي: الذي بيده كل شيء؛ بعزيز ؛ أي: غالب لما يريد في إضلاله قوما يدعون أنهم النهاية في كمال العقول؛ لما هدى به غيرهم؛ ذي انتقام ؛ أي: له هذا الوصف؛ فمن أراد النقمة منه سلط عليه ما يريد مما يحزنه؛ ويذله؛ كما أنه إذا أراد يعميه عن أنور النور؛ ويضله.