في المدبر يجني على سيده قلت : أرأيت ؟ مدبرا جنى على سيده فقطع يد سيده
قال : يختدمه سيده في الجناية .
قلت : أوليس قد كان يختدمه قبل الجناية ؟ قال : أخبرني عبد الحكم بن أعين أنه سأل عنها فقال مالكا : يختدمه ويقضي له في ذلك من الجناية وبطلت خدمة التدبير ، لأنه قد حدثت خدمة هي أولى من الخدمة الأولى ، لأنه يختدمه في الجناية حتى يستوفي جنايته . فإن مات وبقي على المدبر من الجناية شيء ، فإنه يعتق منه مبلغ ثلث مال الميت ، فإن حمل ثلث مال الميت جميعه كان ما بقي من الجناية في ذمته . وإن أعتق ثلثاه أتبع ثلثي الجناية وتسقط بقيمتها لأنه رقيق لهم . مالك
قلت : فما له حين جنى على السيد لم تبطل جنايته على سيده وهو عبد لسيده ، وحين ورث ورثته الذي صار لهم من العبد بطلت الجناية عن الذي صار لهم من العبد ؟
قال : لأن السيد حين جنى عليه مدبره كان فيه عتق ، وحين صار للورثة نصفه رجع الذي ورثوا منه رقيقا لا عتق فيه وسقطت الجناية عن الذي ورث منه ، وما عتق منه كان فيه من الجناية بقدر ذلك يتبع به . ألا ترى لو أن عبدا جنى جناية على سيده لم يكن لسيده عليه شيء ، لأنه لا عتق فيه . وإنما جعل ذلك في المدبر لأن الجناية أولى من الخدمة ، فلا ينبغي أن يختدمه سيده بالجناية ثم يعتق ويتبعونه بجميع الجناية وهو رأيي .
قال : وقال غيره : لا يختدمه السيد بجنايته لأن له عظم رقبته . ألا ترى أنه إذا جنى جناية على أجنبي ثم افتكه سيده ، أنه لا يختدمه بما افتكه به ولا يحاسبه به . فالجناية على السيد أولى أن لا يحاسب بها الذي لم [ ص: 593 ] يجرح فيها شيء ، وقد كان المجروح لو لم يفتكه منه اختدمه . فإن لم يستوف حتى مات السيد وعتق المدبر في الثلث ، فإنه يتبع المدبر في ذمته بما بقي منه فلم يحل السيد حين افتك المدبر محل المجروح ولم ينزل منزلته ، فكذلك لا يكون ما جرح السيد مثل ما جرح الأجنبي . سحنون