الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما جاء في امرأة من المجوس أو رجل من المجوس ضرب بطن امرأة مسلمة فألقت جنينها ميتا

                                                                                                                                                                                      قلت : فلو أن امرأة من المجوس أو رجلا من المجوس ضرب امرأة من المسلمين [ ص: 631 ] فألقت جنينا ميتا ، أيكون ذلك على عاقلتهم لأنه أكثر من ثلث دية الجارح ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى إن كان خطأ حملته عاقلتهم لأنه أكثر من ثلث دية الجارح ، وإن كان عمدا كان في مال الجارح ; لأن مالكا قال في المرأة تجرح رجلا فيبلغ ذلك ثلث ديتها : إن العاقلة تحمل ذلك عنها . فكذلك المجوس ما أصابوا مما يكون في ذلك ثلث ديتهم - رجلا كان الذي جنى أو امرأة - فإن عاقلتهم تحمل ذلك عنهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا ، أيكون على الضارب الكفارة أم لا ؟ قال : قال مالك : الذي جاء في كتاب الله في الكفارة إنما ذلك في الرجل الحر إذا قتله خطأ ففيه الكفارة .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وأنا أستحسن أن يكون في الجنين الكفارة .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : وكذلك في الذمي وفي العبد إذا قتلا ، أرى فيهما الكفارة وأرى في جنينهما الكفارة .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن ضربها رجل خطأ فماتت فخرج جنينها من بعد موتها ميتا ، أيكون في الجنين غرة ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى فيه غرة ; لأنه إنما خرج ميتا بعد موت أمه ، فإنما على قاتلها الدية لأنه مات بموت أمه .

                                                                                                                                                                                      قلت : فكم ترى عليه ، أكفارتين أو كفارة واحدة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى عليه كفارة واحدة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن ضرب بطنها فألقت جنينها حيا ثم ماتت ، وفي بطنها جنين آخر ثم مات الجنين الذي خرج حيا بعد موتها أو قبل موتها ؟ قال : في الأم نفسها وفي ولدها الذي لم يزايلها - عند مالك - الدية دية واحدة والكفارة ; لأن الذي في بطنها لم يزايلها فلا شيء فيه ، لا دية فيه ولا كفارة ، ولم أسمع في الذي في بطنها - من مالك - في كفارته شيئا ، ولا أرى عليه فيه الكفارة . وأما الذي خرج حيا فمات ، فإن كان استهل صارخا ففيه القسامة والدية ، وإن كان لم يستهل صارخا ففيه ما في الجنين .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية