الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أبى السيد - سيد العبد الذي أمر الميت أن يشترى فيعتق عنه - أن يبيعه ، كيف يصنعون ؟ وكيف إن أبى هذا الذي قال بيعوا فلانا منه أن يشتريه ، أو أبى هذا الذي قال العبد بيعوني منه أن يشتريه بثلثي ثمنه ، كيف يصنعون ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما الذي قال اشتروه فأعتقوه ، فإنه يستأني بثمنه ، فإن أبوا أن يبيعوه رد ثمنه ميراثا بعد الاستيناء بذلك .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقد روى ابن وهب وغيره عن مالك ، [ ص: 326 ] أن المال يوقف ما كان يرجى أن يشترى هذا العبد الذي أمر إلا أن يفوت بموت أو عتق وعليه أكثر الرواة . وأما الذي قال بيعوه من فلان ، فإن قال فلان لست آخذه بهذا الثمن إلا أن يصنعوا أكثر من ثلث ثمنه ، فإن الورثة يخيرون بين أن يعطوه بما قال وبين أن يقطعوا له بثلث العبد بتلا . وأما الذي قال بيعوه ممن أحب وليس من رجل بعينه ولم يجد العبد من يشتريه بثلثي ثمنه ممن أحب ، فإن الورثة يخيرون بين أن يبيعوه بما أعطوا وبين أن يعتقوا ثلثه سحنون : وقد روى أشهب عن مالك وغير واحد ، أن الورثة إذا بذلوه بوضيعة الثلث فلم يوجد من يشتريه إلا بأقل ، أن ذلك ليس عليهم لأنهم قد أنفذوا وصية الميت ، فليس عليهم أكثر من ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : قال مالك : وهذا الأمر عندنا . وأما قوله اشتروا عبد فلان لفلان فأبى ساداته أن يبيعوه ، فإني لم أسمع من مالك فيه شيئا ، وأرى أن يزاد على ثمنه مثل ثلث ثمنه إن حمل ذلك الثلث ، فإن باعه سيده أنفذت وصية الميت ، وإن أبى إلا بزيادة أعطي الذي أمر أن يشتري له العبد قيمة العبد وزيادة ثلث ثمنه ; لأنه كأنه بها يشتري إذا لم يحب الورثة أن يزيدوا على ذلك شيئا . وإن أبى أصحابه أن يبيعوه بشيء ولم يكن من شأنهم أن يزادوا فأبوا أن يبيعوه أصلا ضنا منهم بالعبد ، لم يكن للذي أوصي له به شيء من الوصية . سحنون : وقد قال غيره من الرواة : إنه إذا زيد في الذي أمر أن يشترى لفلان مثل ثلث ثمنه ولم يرد أهله بيعه إلا بزيادة ، أو أبوه أصلا ضنا منهم بالعبد ، لم يكن على الورثة أكثر من زيادة ثلث الثمن ، وليكن ثمنه هو موقفا حتى يؤيس من العبد ، فإن أيس من العبد رجع الثمن ميراثا ولم يكن للذي أوصى الميت أن يشتري له قليل ولا كثير ; لأن الميت إنما أوصى له برقبة ولم يوص له بمال .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وقال مالك في الرجل يقول في وصيته بيعوا عبدي ممن يعتقه فلا يجدون من يأخذه بوضيعة الثلث من ثمنه : إنه يقال للورثة إما أن تبيعوا بما وجدتم وإما أن تعتقوا من العبد ثلثه ، وهذا مما لم يختلف فيه قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقد بينا هذا الأصل باختلاف الرواة قبل هذا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية