الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فلو اشتراها مشتر بيعا فاسدا ثم باعها من غيره بيعا صحيحا ؟ فقال : للشفيع أن يأخذ ، إن شاء بالبيع الثاني وهو البيع الصحيح وليس له أن يأخذ بالبيع الفاسد .

                                                                                                                                                                                      قال : فإن قال : أنا آخذ بالبيع الفاسد ، قلنا : ليس ذلك له ، إنما له أن يأخذ بالبيع الصحيح أو يدع ; لأن بيع المشتري الاشتراء الفاسد فوت ، فلذلك جاز البيع الثاني وكان للشفيع أن يأخذ بالشفعة بالبيع الثاني . قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك في الأشياء كلها : من باع بيعا حراما كان لا يقر على حال ، ويفسخ قبل أن يتفاوت بشيء من الأشياء ، فإن باعه المشتري قبل أن يتفاوت في يده باعه بيعا حلالا .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ينفذ البيع الثاني ولا يرد ويترادان - البائع الأول والمشتري الأول - الثمن فيما بينهما ويلزمه البيع بالقيمة يوم قبض ، فعلى هذا رأيت مسألتك في الشفعة . وإنما رأيت للشفيع أن لا يأخذ بالبيع الأول ; لأنه إن أخذ بالبيع الأول كان ذلك مفسوخا ، فيرد حينئذ إلى البائع الأول ويفسخ بيع الآخر الصحيح ، فلا يكون للشفيع الشفعة ، إن طلب أن يأخذ بالبيع الفاسد ، وإنما له أن يأخذ بالبيع الصحيح أو يدع ويترادان الأولان القيمة فيما بينهما ، ولم أسمع من مالك فيه شيئا ، إلا أني استحسنت هذا على ما أخبرتك من قوله .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وهذا إذا كانت الأرض والدار بعينها لم تفت ببناء ولا بهدم ، فأما إذا فاتت بالبناء أو بالهدم ، فإن الشفيع يأخذ إن شاء بالقيمة التي لزمت المشتري ، وإن شاء أخذها بالثمن الذي بيعت به في البيع الصحيح ، وهي إذا فاتت فإنما كان للشفيع أن يأخذها بالقيمة ; لأنها ترد بالبيع الفاسد وقد لزمته القيمة فيها حتى كأنه بيع صحيح .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية