الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن هلك رجل وترك ابن أخ له صغيرا وهو وارثه ومعه وارث غيره أيضا كبير ، فأوصى العم بهذا الصبي إلى رجل ، أيكون وصيه ، وتجوز مقاسمته له أم لا في قول مالك ؟ أو كان الجد أبا الأب أو كان أخا لهذا الصبي فهلك فأوصى إلى رجل بحال ما وصفت لك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز من وصية هؤلاء قليل ولا كثير ، وليس لواحد من هؤلاء من الوصية قليل ولا كثير ; لأن الميت نفسه لم يكن يجوز أمره ولا صنيعه في مال الصبي قبل موته ، فكذلك وصيه أيضا لا يكون أحسن حالا منه نفسه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أفلا تجوز وصيته في الشيء القليل مثل ما أجاز مالك وصية الأم في الشيء القليل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أرى أن تجوز وصيته لهذا في قليل ولا كثير .

                                                                                                                                                                                      قلت : وما فرق ما بين هؤلاء وبين الأم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إنما استحسن مالك في الأم وليست الأم كغيرها من هؤلاء ، ولأن الأم والدة وليست كغيرها وهو مالها ، وهذا ليس بماله الذي يوصي به لغيره وما هو بالقياس ولكنه استحسان ; ألا ترى أن الأم تعتصر ما وهبت لابنها أو ابنتها وتكون بمنزلة الأب ، والجد والأخ لا يعتصران ، فهذا يدلك أيضا على الفرق بينهما .

                                                                                                                                                                                      قلت : فما يصنع بهذا المال الذي أوصى به إلى هذا الوصي الذي لا يجيز وصيته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ذلك إلى السلطان عند مالك يرى فيه رأيه وينظر فيه للصغار ويجوزه عليهم وعلى الغائب .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية