في الرجل يقول قد أسكنتك هذه الدار وعقبك فمات ومات عقبه قلت : أم لا ؟ أرأيت إن قلت : قد أسكنتك هذه الدار وعقبك من بعدك ، فمات ومات عقبه ، أترجع إلي
قال : نعم . ترجع إليك إلا أن تقول قد حبستها على فلان وعلى عقبه حبسا صدقة فإذا قال ذلك ولم يقل سكنا لك ولولدك ، فإنه إذا انقرض الرجل وعقبه رجعت إلى أقرب الناس بالمحبس حبسا عليه . قلت : فإن كان المحبس حيا ؟
قال : لا ترجع إليه على حال من الحالات ، ولكن ترجع على أقرب الناس إليه حبسا عليهم . قلت : رجالا كانوا أو نساء قال : نعم . ترجع إلى أولى الناس به من ولده أو [ ص: 393 ] عصبته ذكورهم وإناثهم يدخلون في ذلك . قلت : وهذا الذي سألتك عنه من هذه المسائل كلها قول ؟ مالك
قال : نعم .
قلت : فإن في قول قال : داري هذه حبس على فلان وعقبه من بعده . ولم يقل حبسا صدقة . ثم مات فلان ومات عقبه من بعده - والذي حبس حي - أترجع إليه ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا أقوم على حفظه ، ولكنه إذا قال : حبسا فهو بمنزلة قوله حبس صدقة لأن الأحباس إنما هي صدقة فلا ترجع عليه ، ولكن ترجع إلى أولى الناس به بحال ما وصفت لك . قلت : فإن قال : هذه الدار لك ولعقبك سكنا ؟ مالك
قال : إذا انقرض هذا الذي جعلت له هذه الدار سكنا لعقبة وانقرض عقبه ، رجعت إلى الذي أسكن إن كان حيا يصنع فيها ما يصنع في ماله ، وإن كان قد مات رجعت ميراثا إلى أولى الناس به يوم مات أو إلى ورثتهم ، لأنهم هم ورثته وأصل الدار كانت في ماله يوم مات . قلت : وهذا قول ؟ مالك
قال : نعم . قلت : فإن قال : حبسا . فهلك الذي حبست عليه وهلك عقبه الذين حبست عليهم ، وقد هلك أيضا الذي حبس ولم يدع إلا ابنة واحدة ولم يترك عصبة ؟
قال : إنما قال لنا : إذا انقرض الذين حبست عليهم رجعت إلى أولى الناس بالمحبس يوم ترجع - عصبته كانوا أو ولد ولده وتكون حبسا على ذوي الحاجة منهم وليس على الأغنياء منهم فيها شيء . قلت : فإن كانوا ولده ؟ مالك
قال : فإن كان ولده فليس للأغنياء منهم فيها شيء عند ، وكذلك العصبة وكذلك كل من ترجع إليهم إنما هي لذوي الحاجة منهم . قلت : فإن كان الذين رجعت إليهم الدار ورثة هذا المحبس أغنياء كلهم ؟ مالك
قال : لم أسمع من فيه شيئا ، ولكني مالك أرى إنما تكون لأقرب الناس من هؤلاء الأغنياء إذا كانوا فقراء .