الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يحبس ثيابا في سبيل الله قلت : أرأيت الثياب ، هل يجوز أن يحبسها رجل على قوم بأعيانهم أو على مساكين أو في سبيل الله في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ، ولا أرى به بأسا أن يحبس الرجل الثياب والسروج .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت ما ضعف من الدواب ، المحبسة في سبيل الله أو بلي من الثياب ، كيف يصنع بها ؟ قال : قال مالك : أما ما ضعف من الدواب حتى لا يكون فيها قوة للغزو ، فإنه يباع ويشترى بثمنها غيرها من الخيل فيجعل في سبيل الله .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : فإن لم يكن في ثمنه ما يشترى به فرس أو هجين أو برذون ، رأيت أن يعان به في ثمن فرس ، والثياب إن لم تكن فيها منفعة بيعت واشتري بثمنها ثياب ينتفع بها ، وإن لم يكن في ثمنها ما يشترى به شيء ينتفع به فرق في سبيل الله .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وسمعت مالكا يقول في الفرس الحبيس في سبيل الله إذا كلب : إنه لا بأس أن يباع ويشترى فرس مكانه سحنون : وقد روى غيره : أن ما جعل في السبيل من العبيد والثياب أنها لا تباع . قال : ولو بيعت لبيع الربع المحبس إذا خيف عليه الخراب ، وهذه جل الأحباس قد خربت فلا شيء أدل على سنتها منها . ألا ترى أنه لو كان البيع يجوز فيها ما أغفله من مضى ، ولكن بقاؤه خرابا دليل على أن بيعه غير مستقيم . وبحسبك حجة في أمر قد كان متقادما بأن تأخذ منه ما جرى الأمر عليه ، فالأحباس قديمة ولم تزل ، وجل ما يؤخذ منها بالذي به لم تزل تجري عليه فهو دليلها .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : فبقاء هذه خرابا دليل على أن البيع فيها غير مستقيم ; لأنه لو استقام لما أخطأه من مضى من صدر هذه الأمة ، وما جهله من لم يعمل به حين تركت خرابا وإن كان قد روي عن ربيعة خلاف لهذا في الرباع والحيوان إذا رأى الإمام ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : عن الليث أنه سمع يحيى بن سعيد سئل عن فرس حبس دفعت إلى رجل فباعها ؟ فقال يحيى : لم يكن لينبغي له أن يحدث فيها شيئا غير الذي جعلت فيه ، ألا يخاف ضعفها وتقصيرها عما جعلت له ، فلعل ذلك أن يخفف بيعها ثم يشتري مكانها فرسا تكون بمنزلتها حبسا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية