الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يحبس الدار ويشترط على المحبس عليه مرمتها قلت : أرأيت الرجل يحبس داره على رجل وعلى ولده وولد ولده ، ويشترط على الذي حبس عليه أن ما احتاجت إليه الدار من مرمة فعلى المحبس عليه أن ينفق في مرمتها من ماله ؟ قال : لا يصلح ذلك ، وهذا كراء وليس بحبس .

                                                                                                                                                                                      قلت : تحفظه عن مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ، إلا أن مالكا قال في الفرس تحبس على الرجل ويشترط على المحبس عليه حبسه سنة وعلفه فيها .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : لا خير فيه . وقال : أرأيت إن هلك قبل أن تستكمل السنة كيف يصنع أيذهب علفه باطلا ؟ قلت : فما يصنع ، أتجعل الفرس والدار حبسا إذا وقع مثل هذا الشرط أم يبطل ذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أدري إلا أن مالكا قال في الفرس لا خير فيه . ووجه كراهيته عنده ; لأنه غرر وقال : أرأيت لو مات قبل السنة أكان تذهب نفقته ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك في الرجل يبيع عبده على أنه مدبر على المشتري : إنه لا خير فيه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأنا أرى أنه يجوز تدبيره ; لأنه بيع قد فات بالتدبير ويرجع البائع على المشتري بتمام الثمن إن كان البائع هضم له من الثمن لذلك شيئا ، وهذا قول مالك في التدبير . فأرى في الفرس أنه يخير صاحبه الذي حبسه ، فإن أحب - إن لم يفت الأجل - أن يضع الشرط ويبتله لصاحبه فعل أو يدفع إليه ما أنفق ويأخذ فرسه ، فإن فات الأجل لم أر أن يرد ، وكان للذي بتل له بعد السنة بغير قيمة ، وأرى في الدار تكون حبسا على ما جعل ولا يلزمه مرمة وتكون مرمتها من غلتها ; لأنها فاتت في سبيل الله ولا تشبه البيوع إلا أن مالكا يكره له ذلك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية