فيمن أذن لرجل أن يغرس أو يبني أو يزرع في أرضه ففعل ثم أراد إخراجه قلت : أرأيت إن أم لا ؟ مالك قال : بلغني عن أذنت لرجل أن يبني في أرضي أو يغرس ، فبنى وغرس ، فلما بنى وغرس أردت إخراجه مكاني أو بعد ذلك بأيام أو بزمان ، أيكون ذلك لي فيما قرب من ذلك أو بعد في قول أنه قال : أما ما قرب من ذلك الذي يرى أن مثله لم يكن ليبني على أن يخرج في قرب ذلك وهو يراه حين بنى فلا أرى له أن يخرجه إلا أن يدفع إليه ما أنفق قائما حيا ، وإلا لم يكن له ذلك حتى يستكمل ما يرى الناس أنه يسكن مثله في قدر ما عمل . وأما إذا كان قد سكن الزمان الطويل فيما يظن أن مثله قد بنى ، على أن يسكن مثل ما سكن هذا ، فأرى له أن يخرجه ويعطيه قيمة نقضه منقوضا إن أحب ، وإن لم يكن لرب الأرض حاجة بنقضه قيل للآخر : اقلع نقضك ولا قيمة لك على رب الأرض . قال : وهذا قول مالك . مالك
قلت : أرأيت قال : قال لو أني أعرت رجلا يبني في أرضي أو يغرس فيها ، وضربت له لذلك أجلا فبنى وغرس ، فلما . مضى الأجل أردت إخراجه ؟ : يخرجه ويدفع إليه قيمة نقضه منقوضا إن أحب رب الأرض ، وإن أبى قيل للذي بنى وغرس : اقلع نقضك وغراسك ولا شيء لك غير ذلك . مالك
قلت : في قول وما كان لا منفعة له فيه إذا نقضه ، فليس له أن ينقضه ؟ مالك
قال : نعم .
قلت : في قول أرأيت إن كنت قد وقت له وقتا فبنى وغرس ، أيكون لي أن أخرجه قبل مضي الوقت فأدفع إليه قيمة بنيانه أو غرسه ؟ مالك
قال : لا قلت : فإن قال : إن كنت ضربت لذلك أجلا فليس لك ذلك في قول أعرته على أن يبني ويغرس ، ثم بدا لي أن أمنعه وآخذ أرضي وذلك قبل أن يبني شيئا وقبل أن يغرس ؟ لأنك قد أوجبت ذلك له . مالك
قلت : فإن لم أضرب له أجلا ، وأعرته أرضي على أن يبني فيها ويغرس ، فأردت إخراجه قبل أن يبني ويغرس ؟
قال : ذلك لك . ألا ترى أن قال في الذي أذن له أن يبني ويغرس ، فبنى وغرس ، ولم يكن ضرب له أجلا ، فأراد إخراجه بحدثان ذلك : إن ذلك ليس له إلا أن يدفع إليه قيمة ما أنفق ، فهو إذا لم [ ص: 450 ] يبن ولم يغرس كان له أن يخرجه ، فهذا يدلك على ذلك . مالكا
قلت : أرأيت إن قال : ليس ذلك لك - في قول أعرته أرضي يبني فيها ويغرس ، ولم أسم ما يبني فيها ولا ما يغرس ، وقد سميت الأجل فأردت إخراجه ؟ - وليس لك أن تمنعه مما يريد أن يبني ويغرس إلا أن يكون شيء من ذلك يضر بأرضك . مالك
قلت : في قول أرأيت إن أراد - الذي بنى أو غرس - أن يخرج قبل الأجل ، أله أن يقلع نقضه وغراسه قبل الأجل ؟ مالك
قال : نعم ، ذلك له إلا أن لرب الأرض أن يأخذ البناء والغرس بقيمته ويمنعه نقضه إذا دفع إليه قيمة ما له فيه منفعة ، ويمنعه أن ينقض ما ليس له فيه منفعة ، وهذا قول . مالك
قلت : في قول أرأيت كل ما ليس للذي بنى وغرس فيه منفعة إذا قلعه ، فأراد رب الأرض أن يعطيه قيمة عمارته ويمنعه من القلع ، أيعطيه قيمة هذا الذي إن أقلعه لم يكن له فيه منفعة ؟ مالك
قال : لا ، لا يعطيه قيمة هذا الذي لا منفعة له فيه على حال من الحالات ، لأنه لا يقدر على قلعه صاحب العمارة ، فكيف يأخذ له ثمنا .
قلت : أرأيت إن قال : ليس لك ذلك حتى يتم زرعه ، لأن الزرع لا يباع حتى يبدو صلاحه فتكون فيه القيمة ، فلذلك خالف البناء والغرس . أعرته أرضي يزرعها ، فلما زرعها أردت أن أخرجه منها ، أيكون ذلك لي أم لا ؟
قلت : في قول فهل يجعل لرب الأرض الكراء من يوم قال للمستعير اقلع زرعك ؟ مالك
قال : لا ، ألا ترى أنه ليس لرب الأرض أن يقلع زرعه فلما لم يكن له أن يقلع زرعه لم يكن له أن يأخذ عليه كراء إلا أن يكون إنما أعاره الأرض للثواب ، فهذا بمنزلة الكراء .