قلت : أرأيت إن قال : ما سمعت من أخذ الإمام هذا المحارب وهو أقطع اليد اليمنى ، فأراد قطعه ورأى أن يقطعه ، كيف يقطعه ؟ فيه شيئا إلا أن قول مالك في السارق إذا كان أقطع اليد اليمنى أو أشل اليد اليمنى ، قطع رجله اليسرى وترك يده اليسرى . فكذلك المحارب إذا لم تكن يده اليمنى قائمة ، قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى . فهذا عندنا بين لأن الله تبارك وتعالى قال : { مالك إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض } سورة المائدة . فالقطع في المحارب في يده ورجله جميعا إنما هما جميعا شيء واحد ، بمنزلة القطع في يد السارق أو رجله إنما هو شيء واحد . فإذا أصاب إحدى اليدين شلاء أو قطعاء رجع إلى اليد الأخرى التي تقطع معها ، لأنهما في القطع بمنزلة الشيء الواحد في المحارب ، ألا ترى أن السارق إذا أصيب أقطع اليد اليمنى أو أشل اليمنى رجع الإمام إلى رجله [ ص: 556 ] اليسرى ، وإن أصابه أيضا أقطع أصابع اليمنى قطع رجله اليسرى ولم يقطع بعض اليد دون بعض . فكذلك إذا كانت اليد ذاهبة في المحارب لم تقطع الرجل التي كانت تقطع معها . ولكن تقطع اليد الأخرى والرجل التي تقطع معها حتى تكون من خلاف كما قال الله .