4491 ص: فكان من الحجة للآخرين عليهم أن هذا الحديث قد روي عن كما ذكروا، وقد روي عنه ما هو أتم من ذلك، فروي عنه: ابن عمر عمر -رضي الله عنه- أن يأمره أن يراجعها ثم يمهلها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم ليطلقها إن شاء، وقال: تلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء". وقد ذكرنا ذلك بإسناده في الباب الذي قبل هذا الباب؛ فلما نهاه رسول الله -عليه السلام- عن "أن رسول الله -عليه السلام- أمر حتى يكون طهر وحيضة أخرى [ ص: 71 ] بعدها، ثبت بذلك أنه لو كان أراد بقوله: إيقاع الطلاق في الطهر الذي بعد الحيضة التي طلق فيها، الأطهار إذا لجعل له أن يطلقها بعد طهرها في هذه الحيضة ولا ينتظر ما بعدها؛ لأن ذلك طهر، فلما لم يبح له الطلاق في ذلك الطهر حتى يكون طهرا آخر بينه وبين ذلك الطهر حيضة؛ ثبت بذلك أن تلك العدة التي أمر الله -عز وجل- أن تطلق لها النساء إنما هي وقت ما تطلق النساء، وليس لأنها عدة تطلق لها النساء، يجب بذلك أن تكون هي العدة التي تعتد بها النساء، لأن العدد مختلفة، منها: عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، ومنها: عدة المطلقة ثلاثة قروء، ومنها: عدة الحامل أن تضع حملها، فكانت العدة اسما واحدا لمعان مختلفة، ولم يكن كل ما لزمه اسم عدة وجب أن يكون قرءا، فكذلك لما لزم اسم الوقت التي تطلق فيه النساء اسم عدة، لم يثبت له بذلك اسم القرء، فهذه معارضة صحيحة. "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء"