4627 ص: فقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عنه في هذا الحديث أن تتحرى في العشر الأواخر، كما أمر فيما قد روينا عنه قبل هذا من حديث ابن عمر أيضا أن تتحرى في السبع الأواخر، فلم يكن ما روي عنه من أمره إياهم بالتماسها في السبع الأواخر ما ينفي أن تكون تلتمس أيضا فيما قبله من العشر الأواخر، فلم يدلنا ما روي عن ابن عمر أنها في السبع الأواخر دون سائر الشهر، إلا أنه قد يجوز أن يكون السبع الأواخر أمر بالتماسها فيها بعدما أمر بالتماسها في العشر الأواخر على ما في حديث أبي ذر، فتكون السبع الأواخر تتحرى دون ما سواها من [ ص: 231 ] الشهر، وذلك تحر لا حقيقة معه، فأردنا أن نعلم هل روي عن ابن عمر عن النبي -عليه السلام- ما يدل على ذلك؟ فإذا ابن عمر بكر بن إدريس قد حدثنا، قال: ثنا قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، عقبة بن حريث ، قال: سمعت يقول: عن النبي -عليه السلام- قال: ابن عمر "التمسوها في العشر الأواخر، فإن عجز أحدكم أو ضعف فلا يغلبن عن السبع البواقي". .
فدل ما ذكرنا من هذا عن عن النبي -عليه السلام- أنها قد تكون في السبع الأواخر أحرى من أن تكون فيما قبله في العشر الأواخر. ابن عمر
وأما ما ذكرناه عن عبد الله بن أنيس؛ فإن فيه الأمر من رسول الله -عليه السلام- له أن يلتمسها ليلة ثلاث وعشرين، فاحتمل أن تكون تلتمس في كل شهر رمضان في تلك الليلة بعينها، فإن كان ذلك كذلك فقد يجوز أن تكون قبل السبع الأواخر، فيخرج ذلك مما أمر فيه بالتماسها في السبع الأواخر؛ لأن الشهر قد يجوز أن لا ينقص عن ثلاثين، فتكون تلك الليلة أو ثمان يبقين، فدل على معنى ما أشكل من ذلك ما قد رويناه فيما قد تقدم من هذا الباب، عن عبد الله بن أنيس: " أن رسول الله -عليه السلام- إنما أمره بذلك في شهر كان تسعا وعشرين، فكانت الليلة أول سبع لا أول ثمان، فقد دخل ذلك أيضا فيما أمر فيه بالتماس تلك الليلة في السبع الأواخر، وذلك كله على التحري، لا على اليقين".