الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6126 2868 - (6161) - (2 \ 132) عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافر، فأدركه الليل قال: " يا أرض ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما دب عليك، أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود، وحية، وعقرب، ومن شر ساكن البلد، ومن شر والد وما ولد".

التالي السابق


* قوله: "يا أرض! ربي وربك": - بكسر الكاف - لأن الخطاب للأرض، قيل: فيه إشعار بأن للأرض شعورا بكلام الداعي، وقيل: خاطب الأرض اتساعا، والأول هو الصواب بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم؛ فقد كلمه وخاطبه الجماد، ثم شر الأرض نفسها هو الشر الذي لا دخل فيه لشيء معين من صفاتها، وشر ما فيها من صفاتها كاليبوسة والبرودة وضدهما هو الشر الذي فيه دخل لغلبة صفاتها.

* "وشر ما خلق فيها" هو: شر ما استقر فيها من الحشرات والبهائم.

* "وشر ما يدب عليها" أي: يتحرك عليها من المؤذيات، وإن كان مندرجا فيه، لكن صرح به اعتناء بالاستعاذة منه؛ لعظم شره، وكذا تخصيص الأسود؛ كالأفعل، وهو الحية العظيمة التي فيها سواد، وهو أخبث الحيات لذلك.

وقيل: الأسود: العبد؛ لأنهم يقولون له: أسود؛ لملابسة الليل، أو السواد من اللباس، وقال في "الحرز شرح الحصن": أو لأن أكثرهم السودان على ما في مكة المشرفة.

وقيل: وفي الحديث التحذير من الأسود، وأنه إذا جاع سرق، وإذا شبع بطر.

[ ص: 248 ] قال الخطابي: "ساكن البلد" هم الجن الذين هم سكان الأرض، فالبلد من الأرض ما كان مأوى للحيوان، وإن لم يكن فيه بناء ومنزل.

وقال: يحتمل أن المراد "بالوالد": إبليس "وما ولد": الشياطين.

قلت: ويحتمل أن المراد كل والد ومولود؛ على عموم النكرة في الإثبات؛ كما في قوله تعالى: علمت نفس [التكوير: 14] والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية