الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6451 2938 - (6487) - (2 \ 160) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش، ولا التفحش، وإياكم والشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة، فقطعوا، وأمرهم بالبخل، فبخلوا، وأمرهم بالفجور، ففجروا" قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال: " أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك "، فقام ذاك أو آخر، فقال: يا رسول الله، أي الهجرة أفضل؟ قال: " أن تهجر ما كره ربك، والهجرة هجرتان: هجرة الحاضر، والبادي، فهجرة البادي أن يجيب إذا دعي، ويطيع إذا أمر، والحاضر أعظمهما بلية، وأفضلهما أجرا ".

التالي السابق


* قوله: "وإياكم والفحش": - بضم فسكون - قيل: أصله الزيادة في الشيء على ما عرف من مقداره، ويطلق على الكلام الرديء، والتفحش: التكلف فيه.

* "والشح": قيل: هو أشد البخل، وقيل: البخل مع الحرص، وقيل: البخل في أفراد الأمور وآحادها، والشح عام، وقيل: البخل في مال، وهو في مال ومعروف.

* "وأمرهم بالفجور": أي: بالبخل في حقوق الله؛ بترك طاعته، وإتيان معاصيه.

[ ص: 293 ] * "أن يسلم. . . إلخ": أي: ألا تؤذي أحدا بوجه، لا باللسان، ولا باليد، والمراد: العموم، لكن لما كان غالب الأذى يكون بالجارحتين، ذكرهما، والمراد: أن يكون بغير حق، فخرج نحو الأمر بالمعروف وأمثاله من القصاص وغيره.

* "أي الهجرة": أصله: ترك الوطن.

* "أن تهجر": أريد به الترك، وفي تسمية ترك الذنوب هجرة إشارة إلى أن طبع النفس على الذنوب حتى كأنها بمنزلة الوطن لها، وتركها كالهجرة عن الوطن.

* "والهجرة هجرتان": أي: ما عدا تلك الهجرة التي هي أفضل الهجرة هجرتان.

* "فهجرة البادي": أي: أهل البدو؛ أي: إنه إذا سكن البدو مع حضوره الجهاد، ومع الطاعة لله ولرسوله، فهو مهاجر، وأما من ترك الوطن، وسكن المدينة لله ولرسوله، فهو أكمل، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية