الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6143 [ ص: 253 ] 2874 - (6178) - (2 \ 134) عن عبد الله بن عمر، أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض، قالت الملائكة: أي رب أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون [البقرة: 30] ، قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم. قال الله تعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة، حتى يهبط بهما إلى الأرض، فننظر كيف يعملان. قالوا: ربنا، هاروت وماروت. فأهبطا إلى الأرض، ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر، فجاءتهما، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله، حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك. فقالا: والله لا نشرك بالله أبدا. فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله، حتى تقتلا هذا الصبي، فقالا: والله لا نقتله أبدا. فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله ، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله، حتى تشربا هذا الخمر. فشربا، فسكرا فوقعا عليها، وقتلا الصبي، فلما أفاقا، قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتما حين سكرتما، فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا ".

التالي السابق


* قوله: "قالوا: ربنا! هاروت وماروت": أي: هما هاروت وماروت.

* "ومثلت" : من التمثيل.

* "الزهرة": - بضم زاي - : نجم معلوم؛ أي: صورت هذا النجم لهما بصورة امرأة حسناء بعد خلق الشهوات التي هي في نوع الإنسان فيهما ابتلاء.

* "فسكرا": سكر؛ كفرح.

* "قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا. . . إلخ": يدل على أنهما تكلما بكلمة الإشراك أيضا، وترك ذكرها إنما هو من الرواة، والله تعالى أعلم.

[ ص: 254 ] وفي "المجمع": رجاله رجال الصحيح غير موسى بن جبير، وهو ثقة، انتهى.

وقد عده ابن الجوزي في "الموضوعات " بسند فيه الفرج بن فضالة، وهو ضعيف، وقال السيوطي في "التعقبات": قال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد": للقصة طرق كثيرة، جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه يقطع بوقوعها؛ لكثرة الطرق الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، انتهى.

ولم أقف على الجزء المذكور، لكني تتبعت طرقها في التفسير المسند، وقد أخرجه أحمد في "مسنده" عن ابن عمر من وجه آخر، ليس فيه الفرج بن فضالة، وابن حبان في "صحيحه" والبيهقي في "شعب الإيمان" وله طريق ثالث عن ابن عمر موقوف، أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" وطريق رابع عنه موقوف أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" وأخرجه إسحاق بن راهويه، وابن جرير، والحاكم، وصححه عن علي موقوفا، وأخرجه ابن راهويه، وابن مردويه من وجه آخر عن علي مرفوعا، وأخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وصححه من طرق عدة عن ابن عباس موقوفا، وأخرجه ابن جرير عن ابن مسعود موقوفا، وله شاهد مختصر من حديث أبي الدرداء مرفوعا، أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا".

وأما عن التابعين، فطرق كثيرة، وقد سبقت جميع الطرق المذكورة في "التفسير المأثور" فلينظر فيه.

* * *




الخدمات العلمية