الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5077 2584 - (5096) - (2 \ 49) عن أنس بن سيرين قال: قلت: لعبد الله بن عمر أقرأ خلف الإمام؟ قال: تجزئك قراءة الإمام. قلت: ركعتي الفجر، أطيل فيهما القراءة؟ قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل مثنى مثنى "، قال: قلت: إنما سألتك عن ركعتي الفجر، قال: إنك لضخم ألست تراني أبتدئ الحديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح أوتر بركعة، ثم يضع رأسه "، فإن شئت قلت: نام، وإن شئت قلت: لم ينم، " ثم يقوم إليهما والأذان في أذنيه "، فأي طول يكون ثم؟ قلت: رجل أوصى بمال في سبيل الله، أينفق منه في الحج؟ قال: أما إنكم لو فعلتم كان من سبيل الله. قال: قلت: رجل تفوته ركعة مع الإمام فسلم الإمام، أيقوم إلى قضائها قبل أن يقوم الإمام؟ قال: كان الإمام إذا سلم قام. قلت: الرجل يأخذ بالدين أكثر من ماله، قال: لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه على قدر غدرته.

التالي السابق


* قوله: "قال: تجزئك قراءة الإمام": ظاهره أن قراءة الإمام تكفي في السرية [ ص: 109 ] والجهرية عند ابن عمر، عن الفاتحة وغيرها، وهذا مقتضى عدم وجوب القراءة خلف الإمام، لا عدم جوازها.

ورواة هذا الحديث ثقات، وقد صح عنه من غير هذا الوجه من قوله: "من صلى وراء الإمام كفاه قراءة الإمام".

وقال البيهقي: وقد روي عنه خلافه، فروى بسنده: أنه سئل ابن عمر عن القراءة خلف الإمام، فقال: "إني لأستحي من رب هذه البنية أن أصلي صلاة لا أقرأ فيها بأم القرآن".

وذكر عنه مثل هذا بسند آخر.

ثم قال: فكأنه يرى القراءة خلف الإمام فيما يسر الإمام فيه بالقراءة.

قلت: ظاهر حديث ابن عمر أن قراءة الإمام تكفي للمأموم، فيجوز له تركها، ومع ذلك لو أتى بها، كان جائزا، بل يجوز أن يكون هو الأولى، فلا يخالف قوله: "إني لأستحي" وربما يحمل قوله على قراءة ما سوى الفاتحة، والله تعالى أعلم.

* قلت: "ركعتا الفجر": هكذا في أصلنا: "ركعتا الفجر" - بالرفع - .

وفي بعض الأصول: "ركعتي الفجر" - بالنصب - على إضمار الفعل؛ أي: أطيل ركعتي الفجر.

* "إنك لضخم": أي: قليل الفهم؛ لاشتغال همك بالبطن لا بالعلم.

* "فإن شئت. . . إلخ": بيان لتقليل ذلك مع ظهور آثار النوم؛ كالنفخ.

* "إليهما": أي: إلى ركعتي الفجر.

* "فأي طول يكون ثم": - بفتح مثلثة - للإشارة إلى المكان؛ أي: هناك، [ ص: 110 ] وليس بضمها حرف عطف؛ لأن لفظه: "قلت" مذكور في المواضع الأخر بلا عطف، ولأن تمام المعنى يقتضي أن يكون اسم إشارة، والله تعالى أعلم.

* "قبل أن يقوم الإمام": أي: من مكانه.

* "كان": يحتمل أن يكون - بتشديد النون - أي: كأن الإمام قد قام حين سلم، أو بتخفيفها؛ أي: إذا سلم الإمام قام المسبوق إلى قضاء ما سبق.

* "قال: لكل غادر": أي: أخذه الزيادة غدر في العهد الذي يقتضيه الدين؛ فإن مقتضاه ألا يأخذ إلا ذلك القدر، فصار ذلك بمنزلة العهد ألا يأخذ الزائد، فإذا أخذ الزائد فقد نقض العهد وغدر، فيستحق هذه العقوبة يوم القيامة، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية