الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6643 3101 - (6681) - (2 \ 179) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: لما فتحت مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كفوا السلاح إلا خزاعة عن بني بكر " فأذن لهم، حتى صلى العصر، ثم قال: " كفوا السلاح "، فلقي رجل من خزاعة رجلا من بني بكر، من غد، بالمزدلفة، فقتله، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام خطيبا، فقال، ورأيته وهو مسند ظهره إلى الكعبة، قال: " إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذحول الجاهلية " فقام إليه [ ص: 404 ] رجل، فقال: إن فلانا ابني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الأثلب " قالوا: وما الأثلب؟ قال: " الحجر " قال: " وفي الأصابع عشر عشر، وفي المواضح خمس خمس " قال: وقال: " لا صلاة بعد الغداة حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " قال: " ولا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، ولا يجوز لامرأة عطية، إلا بإذن زوجها ".

التالي السابق


* قوله: "كفوا السلاح": من الكف؛ أي: لا تستعملوه، ولا تقتلوا أحدا.

* "عن بني بكر": أي: فإنهم لا يكفونه عن بني بكر؛ وذلك لأن خزاعة كانوا في عقد النبي صلى الله عليه وسلم وعهده الذي كان بينه وبين أهل مكة يوم الحديبية، وبنو بكر كانوا في عقد أهل مكة، وكان بين القبيلتين دماء في الجاهلية، فبعد صلح الحديبية خرج رجل من بني بكر، فأصاب رجلا من خزاعة، فجرى بينهم القتال، وأمدت قريش بني بكر بالسلاح، وقام بعضهم معهم ليلا في خفية، فخرج لذلك بعض خزاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك، فصار ذلك سبب فتح مكة.

* "إن أعدى الناس": أي: أكثرهم تجاوزا لحدوده.

* "أو قتل بذحول الجاهلية": - بذال معجمة وحاء مهملة - : جمع ذحل؛ أي: بجناياتها.

وفي "القاموس": الذحل: الثأر، أو طلب مكافأة بجناية جنيت عليك، أو عداوة أتيت إليك، أو هو العداوة والحقد، وذحول جمعه.

* "لا دعوة": - بكسر الدال - في النسب؛ أي: لا يثبت النسب بالزنا ودعوة الولد منه في الإسلام كما كان يثبت في الجاهلية.

[ ص: 405 ] * "الأثلب": - بفتح ويكسر، فسكون - وهو كناية عن الرجم، أو الخيبة؛ مثل أن يقال: له تراب، ورد الأول بأنه لا يرجم كل زان، فالوجه هو الثاني.

وقد يقال: يكفي ثبوت الرجم للزاني في الجملة في صحة الكناية المذكورة، فليتأمل.

* "عشر عشر": أي: في كل إصبع عشر من الإبل، وفي المواضح جمع موضحة، وهي الشجة التي توضح العظم؛ أي: تظهره، والشجة: الجراحة، وإنما تسمى شجة: إذا كانت في الوجه والرأس.

* "لا صلاة": هذا الحديث يرد على من خص النهي بغير مكة؛ فإن هذا النهي كان بمكة، ويستبعد إطلاق النهي بمكة مع كون حكم مكة على خلاف ذلك.

* "ولا يجوز لامرأة عطية": أخذ بظاهره مالك، فلم يجوز لها العطية، بل ما زاد على الثلث من مالها إلا بإذن الزوج، لكن يرد عليه أن ظاهره عدم الجواز من الثلث أيضا، ولعل الجمهور يحمله على العطية من مال الزوج، وبه يصح الإطلاق، والله تعالى أعلم.

وفي "المجمع": قلت: في "الصحيح" منه النهي عن الصلاة بعد الصبح، وفي "السنن": بعضه رواه أحمد، ورجاله ثقات.

* * *




الخدمات العلمية