الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6547 [ ص: 352 ] 3018 - (6583) - (2 \ 169 - 170) عن عبد الله بن عمرو، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل من أهل البادية، عليه جبة سيجان مزرورة بالديباج، فقال: ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس ابن فارس قال: يريد أن يضع كل فارس ابن فارس، ويرفع كل راع ابن راع قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبته، وقال: " ألا أرى عليك لباس من لا يعقل " ثم قال : " إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله، فإن السموات السبع، والأرضين السبع، لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة، رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع، والأرضين السبع، كن حلقة مبهمة، قصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر " قال: قلت أو قيل يا رسول الله: هذا الشرك قد عرفناه، فما الكبر؟ قال: الكبر أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان قال: " لا " قال: هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها؟ قال: " لا " قال: الكبر هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها؟ قال: " لا " قال: أفهو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه؟ قال: " لا " قيل: يا رسول الله، فما الكبر؟ قال: " سفه الحق، وغمص الناس ".

التالي السابق


* "جبة سيجان": بالإضافة، والسيجان - بكسر السين - : جمع ساج؛ كالتيجان جمع تاج، والساج: الطيلسان الأخضر.

* "ألا": بالتخفيف.

* "قد وضع كل فارس": إما لأنه راع، فإذا لبس ما كان لباسا لفارس، لزم حطهم؛ حيث صار لباسهم لباس الرعاة، أو لأن هذا اللباس فوق لباسهم عادة، ففي اتخاذه حط لهم.

* "ورفع كل راع": إما لأنه من هذا الجنس، فبارتفاعه ارتفع جنسه، أو لأنه [ ص: 353 ] حين لبس يرغب في لبسه من كان من جنسه، فإذا لبسوا، ارتفعوا.

* "مبهمة": أي: غير معلوم المدخل أو الطرف.

* "قصمتهن": - بقاف وصاد مهملة وميم - أي: قطعتهن وكسرتهن. -

* "وسبحان الله": عطف على "لا إله إلا الله" في قوله: "آمرك بلا إله إلا الله" وهذه الخصلة الثانية.

* "قال: الكبر: أن يكون. . . إلخ": أي: قال السائل: الكبر - بمد الهمزة على الاستفهام - ويمكن القصر على أن أداة الاستفهام مقدرة في الكلام.

* "سفه الحق": قيل: هو أن يرى الحق سفها باطلا، فلا يقبله، ويتعظم عنه.

"وغمص الناس": أي: احتقارهم، وألا يراهم شيئا، وعلى هذا فذكر هذا الحديث في ذلك المجلس للدلالة على لبس الثوب المرتفع، وإن لم يكن كبرا، إلا أنه قد يؤدي إليه، والله تعالى أعلم.

وفي "المجمع": رواه أحمد كله، والطبراني بنحوه، ورواه البزار من حديث ابن عمر، ورجال أحمد ثقات.

* * *




الخدمات العلمية