الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6653 [ ص: 411 ] 3110 - (6692) - (2 \ 180) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح، قام في الناس خطيبا، فقال: " يا أيها الناس، إنه ما كان من حلف في الجاهلية، فإن الإسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلف في الإسلام، والمسلمون يد على من سواهم، تكافأ دماؤهم، يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ترد سراياهم على قعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم ".

التالي السابق


* قوله: "ما كان من حلف": - بكسر حاء وسكون لام - : العهد.

في "المجمع": أصله المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والاتفاق، فما كان في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام ونحو ذلك، فهو المراد بقوله: "ما كان من حلف في الجاهلية، فإن الإسلام. . . إلخ "، وما كان فيها الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك منهي عنه بقوله: "لا حلف في الإسلام" وقد يجمع بأن الأمر كان قبل الفتح، والنهي بعده، انتهى.

ولا يخفى أن الجوابين لا يوافقان ظاهر هذا الحديث، أما الثاني، فظاهر؛ لدلالة هذا الحديث على أنهما جميعا كانا يوم فتح مكة.

وأما الأول، فظاهر سوق الحديث أن الحلف في الموضعين بمعنى واحد، والوجه أن يقال: إن إبقاء الحلف السابق جائز في الإسلام إذا كان على خير، وإحداث الجديد غير جائز؛ لأنه قد يؤدي إلى القيام بالباطل ونحوه، وهذا هو الذي يدل عليه لفظ الحديث، والله تعالى أعلم.

* "يد": أي: متعاونون على من سواهم؛ أي: يجب عليهم أن يعاون بعضهم بعضا إذا حاربوا من سواهم من الكفرة، لا إذا حارب بعضهم بعضا.

* "تكافأ": - بهمزة في آخره - من الكفء، وهو المثل، وأصله: تتكافأ [ ص: 412 ] بتاءين كما في رواية، حذقت إحداهما؛ أي: تتساوى في القصاص والديات، لا يفضل شريف على وضيع.

* "يجير": من أجار؛ أي: يؤمن؛ أي: إذا عقد لكافر أمانا.

* "أدناهم": أي: أقلهم عددا، وهو الواحد، أو أحقرهم رتبة، وهو العبد، لزمهم ذلك الأمان.

* "ويرد": أي: الغنيمة.

* "أقصاهم": أي: أبعدهم دارا أو نسبا.

* "ترد سراياهم": هذه الجملة تفسير للأولى، فلذلك ترك العاطف؛ أي: يرد الغنيمة من قام من السرايا للقتال.

* "على قعدتهم": - بفتحتين - : جمع قاعد؛ أي: على من كان قاعدا منهم، وليس المراد أنه يرد على القاعد في وطنه.

* "لا جلب": - بفتحتين - .

* "ولا جنب": أي: لا ينزل المصدق بعيدا حتى يجلب إليه المواشي، ولا يبعد صاحب الصدقة بالمواشي، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية