باب قتل المؤمن بالكافر
حدثنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين عن عطاء أحسبه قال وطاوس ومجاهد والحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح { } ( قال ولا يقتل مؤمن بكافر ) وهذا عام عند أهل المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في خطبته يوم الفتح ( قال الشافعي ) وهو يروي مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الشافعي وحديث عمرو بن شعيب أخبرنا عمران بن حصين عن سفيان بن عيينة عن مطرف الشعبي { أبي جحيفة قال سألت هل عندكم من رسول الله شيء سوى القرآن ؟ فقال لا : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه وما في الصحيفة . قلت وما في الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير وأن عليا كرم الله وجهه لا يقتل مؤمن بكافر } ( قال عن ) وبهذا نأخذ وهو ثابت عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض ما حكيت { الشافعي } . ولا يقتل حر بعبد ولا مؤمن بكافر
[ ص: 676 ] باب الخلاف في قتل المؤمن بكافر
حدثنا الربيع قال ( قال ) فخالفنا بعض الناس فقال إذا الشافعي قتلته به وإذا قتل المؤمن الكافر الحر أو العبد لم أقتله به ( قال قتل المستأمن الكافر ) فقلت لغير واحد منهم أقاويل جمعتها كلها جماعها أن قلت لمن قلت منهم ما حجتك في أن يقتل المؤمن بالكافر المعاهد دون المستأمن ؟ قال : روى الشافعي ربيعة عن ابن البيلماني { } فقلت له أرأيت لو لم يكن لنا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف هذا أيكون هذا مما يثبت عندك ؟ قال : إنه لمرسل وما نثبت المرسل قلت لو كان ثابتا كيف استجزت أن ادعيت فيه ما ليس فيه وجعلته على بعض الكفار دون بعض ؟ وقلت لمن قلت : منهم أثابت حديثنا قال : نعم حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مؤمنا بكافر وقال أنا أحق من وفى بذمته ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن له معنى غير الذي ذهبتم إليه قلت : وما معناه ؟ قال لا يقتل مؤمن بكافر من أهل الحرب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد قلت أيتوهم أحد أنه يقال لا يقتل مؤمن بكافر أمر المؤمن بقتله ؟ قال : أعني من أهل الحرب مستأمنا قلت : أفتجد هذا في الحديث أو في شيء يدل عليه الحديث بمعنى من المعاني ؟ فقال أجده في غيره قلت وأين ذلك قال : قال علي في الحديث { سعيد بن جبير } قلت أيثبت حديث لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده وإن كان حدثه أيلزمنا تأويلك لو تأولته بما لا يدل عليه الحديث ؟ قال : فما معنى قول سعيد بن جبير سعيد ؟ قلت لا يلزمنا منه شيء فنحتاج إلى معناه ولو لزم ما كان لك فيه مما ذهبت إليه شيء قال : كيف قلت لو قيل لا يقتل مؤمن بكافر علمنا أنه عنى غير حربي وليس بكافر غير حربي إلا ذو عهد إما عهد بجزية وإما عهد بأمان قال : أجل قلت : ولا يجوز أن يخص واحدا من هذين وكلاهما حرام الدم وعلى من قتله ديته وكفارة إلا بدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر لم يختلف فيه قال : فما معناه ؟ قلت : لو كان ثابتا فكان يشبه أن يكون لما أعلمهم أنه لا قود بينهم وبين الكفار أعلمهم أن دماء أهل العهد محرمة عليهم فقال لا يقتل مؤمن بكافر غير حربي ولا يقتل ذو عهد في عهده قال : فإنا ذهبنا إلى أن لا يقتل مؤمن بكافر حربي ولا يقتل به ذو عهد لو قتله قلت : أفبدلالة ؟ فما علمته جاء بأكثر مما وصفت قال بعضهم فإنما قلنا قولنا بالقرآن قلنا فاذكره قال : قال الله تبارك وتعالى { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل } فأعلم الله - سبحانه - أن لولي المقتول ظلما أن يقتل قاتله قلنا : فلا تعدو وهذه الآية أن تكون مطلقة على جميع من قتل مظلوما أو تكون على من قتل مظلوما ممن فيه القود ممن قتله ولا يستدل على أنها خاص إلا بسنة أو إجماع فقال بعض من حضره ما تعدو أحد هذين فقلت : أعن أيهما شئت قال : هي مطلقة قلت : أفرأيتقال : نعم قلت أفرأيت رجلا قتل عبده وللعبد ابن حر أيكون ممن قتل مظلوما ؟ ؟ قال : نعم قلت أفعلى واحد من هذين قود ؟ قال : لا قلت ولم وأنت تقتل الحر بالعبد الكافر ؟ قال : أما الرجل يقتل عبده فإن السيد ولي دم عبده فليس له أن يقتل نفسه وكذلك هو ولي دم ابنه أو له فيه ولاية فلا يكون له أن يقتل نفسه مع أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن لا يقتل والد بولده فقيل أفرأيت رجلا قتل ابنه ولابنه ابن بالغ أيكون الابن المقتول ممن قتل مظلوما بما وصفت ؟ قال : نعم قلت : وهذا الولي ؟ قال : لا ولاية لقاتل وكيف تكون له ولاية ولا ميراث له بحال ؟ قلت : فما منعك من هذا القول في الرجل يقتل عبده وفي الرجل يقتل ابنه ؟ قال : أما قتله ابنه فبالحديث قيل آلحديث [ ص: 677 ] فيه أثبت أم الحديث في أن لا يقتل مؤمن بكافر فقد تركت الحديث الثابت . رجلا قتل ابن عمه أخي أبيه وليس للمقتول ولي غيره وله ابن عم يلقاه بعد عشرة آباء أو أكثر أيكون لابن العم أن يقتل القاتل وهو أقرب إلى المقتول منه
( قال ) وقلت له فليس في المسلم يقتل المستأمن علة فكيف لم تقتله بالمستأمن معه ابن له ولا ولي له غيره يطلب القود قال : هذا حربي قلت : وهل كان الذمي إلا حربيا فأعطى الجزية فحرم دمه وكان هذا حربيا فطلب الأمان فحرم دمه ؟ قال : آخر منهم يقتل المسلم بالكافر لأن الله - عز وجل - قال { الشافعي وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } الآية قلت له أخبرنا الله تعالى أنه كتب عليهم في التوراة هذا الحكم أفحكم هو بيننا ؟ قال : نعم ، قلت أفرأيت قال نعم قلت ففقأ عينه أو جرحه فيما دون النفس جراحات فيها القصاص ؟ قال : لا يقاد منه واحد منهما قلت فأخبر الله - عز وجل - أن حكمه حيث حكم أن النفس بالنفس الآية فعطلت هذه الأحكام الأربعة بين الحر والعبد والرجل والمرأة وحكما جامعا أكثر منها والجروح قصاص فزعمت أنه لا يقتص واحد منهما منه في جرح وزعمت أنه يقتل النفس بالنفس كل واحد منهما فما تخالف في هذه الآية أكثر مما وافقتها فيه إنما وافقتها في النفس بالنفس ثم خالفت في النفس بالنفس في ثلاثة أنفس في الرجل يقتل ابنه وعبده والمستأمن ولم تجعل من هذه نفسا بنفس وقيل لبعضهم لا تراك تحتج بشيء إلا تركته أو تركت منه ، والله المستعان قال : الرجل يقتل العبد والمرأة أيقتل بهما ؟ قلت أو تجعل العقل دليلا على القصاص فإذا استوى اقتصصت وإذا اختلف لم تقتص ؟ قال : فأبن فقلت : فقد يقتل الحر ديته مائة من الإبل وهي ألف دينار عندك بعبد قيمته خمسة دنانير وامرأة ديتها خمسون من الإبل قال : ليس القود من العقل بسبيل قلت : فكيف احتججت به ؟ فقال منهم قائل إني قتلت الرجل بالمرأة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { فكيف يقتص لعبد من حر وامرأة من رجل فيما دون النفس وعقلهما أقل من عقله ؟ } قلت : أفكان هذا عندك في القود ؟ قال : نعم قلت فهذا عليك أو رأيت إن { المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم } أما في هذا دليل على أن قال النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين تتكافأ دماؤهم . دماء الكفار لا تتكافأ
( قال ) رضي الله عنه فقال قائل قلنا هذه آيات الله تعالى ذكر المؤمن يقتل خطأ فجعل فيه دية مسلمة إلى أهله وكفارة وذكر ذلك في المعاهد قلت أفرأيت المستأمن فيه دية مسلمة إلى أهله وكفارة ؟ قال : نعم . قلت : فلم لم تقتل به مسلما قتله . الشافعي