والله أركسهم بما كسبوا أي: ردهم إلى حكم الكفار، عن . ابن عباس
: أهلكهم، وقيل : أضلهم. قتادة
وحكى الفراء، : (أركسهم) و (ركسهم) بمعنى: ردهم إلى والكسائي
الكفر.
[ ص: 327 ] ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا أي: طريقا مستقيما.
فإن تولوا فخذوهم أي: إن تولوا عن الهجرة في سبيل الله.
إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق : قال : نزلت في الحسن بني مدلج، كان بينهم وبين قريش عهد، وكان بين قريش وبين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عهد.
: نزلت في عكرمة هلال بن عويمر، وسراقة بن مالك بن جعشم، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف، كان بينهم وبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عهد.
: معنى (يصلون) : ينتسبون، وأنكره العلماء; لأن النسب لا أبو عبيدة
يمنع من قتال الكفار وقتلهم.
أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أي: ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم، قاله السدي، والحسن.
[ ص: 328 ] وهو حال على معنى: قد حصرت، وهو عند بمعنى الدعاء ، وعند المبرد : خبر بعد خبر . الزجاج
ومعنى اتصاله بما قبله: اقتلوا المنافقين الذين اختلفتم فيهم إن لم يهاجروا، إلا أن يتصلوا بمن بينكم وبينه ميثاق; فيدخلوا فيما دخلوا فيه، فلهم حكمهم، وإلا الذين جاؤوكم قد حصرت صدورهم عن أن يقاتلوكم، أو يقاتلوا قومهم، فدخلوا فيكم; فلا تقتلوهم.
إن أظهروا كفرهم; فاقتلوهم; يعني: المنافقين، إلا أن يتصلوا السدي:
بمن بينكم وبينه عهد .
ومعنى وألقوا إليكم السلم : الاستسلام، وقيل : الصلح، وقيل: الإسلام.
[ ص: 329 ] ولو شاء الله لسلطهم عليكم أي: لأذن لهم في قتالكم، وقيل: لقوى قلوبهم على قتالكم.
ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم : قال نزلت في السدي: نعيم بن مسعود، كان يأمن المسلمين والمشركين.
نزلت في قوم من أهل قتادة: تهامة، طلبوا الأمان من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليأمنوا عنده وعند قومهم.
: هي في قوم من أهل مجاهد مكة.
: في قوم من المنافقين. الحسن
وقيل: نزلت في أسد وغطفان، قدموا المدينة، فأسلموا، ثم رجعوا إلى
ديارهم، فأظهروا الكفر.
كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها أي: إلى الاختبار في إظهار الكفر; رجعوا فيه.
ومعنى جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا أي: حجة بينة، عن السدي، وعكرمة.
وقوله: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر الآية.
قال : المعنى: لا يستوي القاعدون عن ابن عباس بدر، والخارجون إليها.
[ ص: 330 ] غير أولي الضرر : غير أولي الزمانة، ويروى: أنه لما نزل لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله الآية; قام إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فشكا زمانته، فنزلت: ابن أم مكتوم غير أولي الضرر .
واستدل القائلون بأن الغنى أفضل من الفقر بهذه الآية.
وكلا وعد الله الحسنى يعني : المجاهدين، وأولي الضرر، و (الحسنى) : الجنة.
وفضل الله المجاهدين على القاعدين أي: من غير ضرر.
و تكرير تفضيل المجاهدين; لأن الأول فيه الجهاد بالنفس والمال ، والثاني: جهاد على الإطلاق; فهما مختلفان.
الأول: تفضيلهم على أهل الضرر بدرجة واحدة، والثاني : ابن جريج:
تفضيلهم على غير أهل الضرر.
أجرا عظيما أي: درجات كثيرة.
[ ص: 331 ] درجات منه أي: بعضها فوق بعض.
هي درجات الأعمال: الإسلام، والهجرة، والجهاد. قتادة:
ابن محيريز: درجات الثواب في الجنة.
إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم الآية; أي: تقبض أرواحهم، : تحشرهم إلى النار. الحسن
: هؤلاء قوم أظهروا الإسلام، ولم يهاجروا، وخرجوا إلى الضحاك بدر مع المشركين، فقتلوا .
وقوله : قالوا فيم كنتم أي: قالت لهم الملائكة: أكنتم في أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أم مشركين؟ وهو سؤال توبيخ.
وخبر : (إن) قوله: قالوا فيم كنتم ; على معنى: قالوا لهم: فيم كنتم؟، وقيل : الخبر: فأولئك مأواهم جهنم ، وقيل : الخبر محذوف، والمعنى: هلكوا أو نحوه.
وقوله : إلا المستضعفين من الرجال : قال : هم قوم ثبتوا على [ ص: 332 ] الإسلام، ولم يقدروا على الهجرة. مجاهد
فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم : (عسى) : من الله واجبة، وكذلك هي في جميع القرآن، إلا في قوله : عسى ربه إن طلقكن في (التحريم) [5] .
وروي : أن المسلمين كتبوا بقوله: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، إلى من بمكة من المسلمين; فخرجوا مهاجرين، فلحقهم قوم من المشركين، وفتنوهم ، فسموا مستضعفين.
وقيل: إن المراد بـ (المستضعفين) : الشيوخ، والزمنى، ومن لا يقدر على
الهجرة.
وقوله: ولا يهتدون سبيلا أي: لا يجدون طريقا إلى المدينة.
وقوله: ومن يهاجر في سبيل الله الآية.
قال : نزلت في ابن جبير ضمرة بن جندب، كان مصابا ببصره، فقال:
أخرجوني، فأخرج ، فمات في التنعيم.
[ ص: 333 ] وقيل : هو ضمرة بن العيص، وقيل : هو العيص بن ضمرة بن زنباع، وقيل: ضمرة بن خزاعة ، وقيل : ضمرة بن نعيم.