التفسير:
قوله تعالى: قل لا يستوي الخبيث والطيب : قال يعني: الكافر والمؤمن، وقال السدي: يعني: الحلال والحرام. الحسن:
[ ص: 526 ] ولو أعجبك كثرة الخبيث أي: ولو كثر الحرام، أو الكفار.
وقوله: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام : فيما ذكره المفسرون: الناقة، كانت في الجاهلية إذا نتجت خمسة أبطن، فكان آخرها ذكرا; بحروا أذنها; أي: شقوها ولم يذبحوها، ولم تطرد عن ماء، ولم تمنع من مرعى، ولم يركبها أحد. (البحيرة)
كانوا إذا نتجت خمسة أبطن، وكان الخامس ذكرا; أكله الرجال دون النساء، وإن كان أنثى; بحروا أذنها; أي: شقوها، وتركت لا يشرب لها لبن، ولا تركب، وإن كانت ميتة; اشترك فيها الرجال والنساء. الكلبي:
وسميت (بحيرة); لشقهم أذنها، (بحرت); إذا شقت شقا واسعا، والناقة: (بحيرة)، و (مبحورة).
فأما فقيل: هو ما كان أحدهم يفعله إذا مرض; فينذر إن شفي أن يسيب ناقته، فإذا فعل ذلك; لم تمنع من ماء، ولا كلأ، وقد يسيبون غير [ ص: 527 ] الناقة، وكانوا إذا سيبوا العبد، لم يكن عليه ولاء. (السائبة);
وقيل: كانت الناقة إذا تتابعت ثنتي عشرة أنثى، ليس فيها ذكر; سيبت، فلم تركب، ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها، فما نتجت بعد ذلك من أنثى; شقت أذنها، وخليت) مع أمها; فهي البحيرة بنت السائبة.
من الغنم، إذا ولدت الشاة سبعة أبطن، فإن كان السابع ذكرا; ذبحوه، وكان لحمه للرجال دون النساء، وإن كان أنثى; لم يذبحوها، وإن كان ذكرا وأنثى قالوا: (وصلت أخاها)، ولم يذبحوهما. و(الوصيلة):
قال ولم يشرب من لبنها إلا الذكور خاصة، وإن كانت ميتة; أكلها الرجال والنساء، وتلا: ابن عباس: وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا [الأنعام: 139] الآية.
وقيل: إن (الوصيلة): الشاة، تنتج عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن، ليس فيه ذكر; فيقولون: وصلت; فما ولدت بعد ذلك; فهو للذكور دون الإناث، إلا أن يموت منها شيء; فيشترك في أكله الذكور والإناث.
فأما فهو البعير، ينتج من ظهره عشرة أبطن، ذكورا أو إناثا، فيقولون: (قد حمى ظهره)، ويخلى; فلا يركب. (الحامي);
[ ص: 528 ] وقيل: هو الفحل، ينتج من ظهره عشر إناث متتابعات، ليس بينهن ذكر; فيقولون: (قد حمى ظهره); فلا يركب، ولا يجر، ولا ينتفع به لغير الضراب.
وعن أنه البعير الذي تركب أولاد أولاده. ابن عباس:
فأعلم الله تعالى أن ذلك افتراء منهم عليه، لم يأمرهم به.
وأكثرهم لا يعقلون : قال يعني: الأتباع الشعبي:
وفي قوله: ما جعل الله من بحيرة رد على من قال: إنا جعلناه قرآنا عربيا [الزخرف: 3]: خلقناه; لأنه يلزمهم أن يكون المعنى ههنا: ما خلق الله من بحيرة، ومثله في القرآن كثير.
وقد تقدم القول فيما يلي هذا إلى قوله: يوم يجمع الله الرسل .
ومعنى فيقول ماذا أجبتم : أنه سؤال للرسل، وتوبيخ للأمم.
وقوله إخبارا عن الرسل: قالوا لا علم لنا : قال المعنى: لا علم لنا إلا ما علمتنا; فحذف. ابن عباس:
الحسن، لما فزعوا من هول ذلك المقام; زالت أفهامهم، فقالوا: لا علم لنا، ثم ثابت إليهم عقولهم; فأخبروا بما علموا. ومجاهد:
المعنى: لا علم لنا بباطن إجابة الأمم، وإنما نعلم ما ظهر، ويدل على ذلك قوله: الحسن: إنك أنت علام الغيوب .
[ ص: 529 ] وقيل: إنما سئلوا عن إجابة من كان بعدهم من الأمم; فقالوا: لا علم لنا.
وقوله: إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك : هذا من صفة يوم القيامة، كأنه قال: اذكر يوم يجمع الله الرسل، وإذ يقول الله لعيسى كذا.
وقوله: وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي : معنى (أوحيت): ألهمت، وقيل: معناه: أمرتهم، وقيل: معناه: بينت لهم.