ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة : قال ابن عباس، ومجاهد، المعنى: نطبع عليها، فلا يؤمنون، كما لم يؤمنوا أول مرة; أي: أول مرة أنزلت الآيات. وابن زيد:
وقيل: في الكلام تقديم وتأخير; والتقدير: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، كما لم يؤمنوا به أول مرة، ونقلب [أفئدتهم وأبصارهم.
وقيل: المعنى: ونقلب] أفئدتهم وأبصارهم في جهنم على لهب النار،
[ ص: 646 ] كما لم يؤمنوا به في الدنيا.
وقيل: المعنى: كما لم يؤمن به أوائلهم، (ونقلب أفئدتهم) على هذا: في الدنيا.
و(الهاء): للقرآن، وقيل: للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: للهدى.
واختيار أن يكون المعنى: تزيغ أفئدتهم عن الإيمان، وأبصارهم عن رؤية الحق، كما لم يؤمنوا بتقليبنا إياها أول مرة. الطبري:
ولو أننا نـزلنا إليهم الملائكة الآية:
أخبر الله تعالى أنهم لم يكونوا يؤمنون مع نزول ما اقترحوه من الآيات إلا أن يشاء الله تعالى.
ومعنى (قبلا): مقابلة، عن وغيره. ابن عباس،
وقيل: معناه: معاينة، فهو مصدر في موضع الحال من المفعول به; أي: حشرناهم معاينة.
وقيل: المعنى: أتيناهم بما غاب عنهم من أمور الآخرة يرونه عيانا.
معنى (قبلا): ناحية; فهو منصوب على هذا على الظرف. المبرد:
[ ص: 647 ] ومن قرأ: (قبلا); فمعناه: قبيلا قبيلا; أي: جماعة جماعة، عن فهو جمع (قبيل)، و (قبيل): جمع (قبيلة). مجاهد،
هو جمع (قبيل); بمعنى: كفيل; فالمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء يتكفل لهم بصحة ما نقول، وتكون الآية فيه نطق ما لا ينطق. الفراء:
وقيل: هو جمع (قبيل) الذي يراد به: الصنف; والمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء صنفا صنفا، فتكون الآية اجتماع الأجناس الذي ليس بمعهود.
وقيل: إن (قبلا) و (قبلا) بمعنى: معاينة.
ولكن أكثرهم يجهلون أي: يجهلون أنهم لو أتوا بذلك; ما آمنوا طائعين.
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يعني: مردتهم من الكفار، عن وغيره. الحسن،
السدي، (شياطين الإنس والجن): الذين يغوونهم من [ ص: 648 ] ولد إبليس، والمعنى: وكما جعلنا لك ولأمتك شياطين الإنس والجن أعداء; كذلك جعلنا لمن تقدمك من الأنبياء. وعكرمة:
(عدوا) بمعنى: أعداء.
و(الزخرف): الزينة، ومنه سمي الذهب زخرفا; والمعنى: يزينون لهم، ويغرونهم غرورا.
ولو شاء ربك ما فعلوه أي: ولو شاء لمنعهم من الوسوسة، والهاء في (فعلوه) للإيحاء، ودل عليه (يوحي)، أو للعداوة، وذكرت; لأن تأنيثها غير حقيقي.
ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة الآية.
اللامات محمولة على المعنى المتقدم; المعنى: يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول; ليغروهم به، ولتصغى إليه أفئدتهم، ويحتمل أن تكون اللامات للأمر، وهو بمعنى الوعيد.
و(تصغى): معناه: تميل، يقال: صغوت أصغو صغوا، وصغوا، وصغيت أضغى، وصغيت أصغي.
[ ص: 649 ] ومعنى وليقترفوا ما هم مقترفون : وليكتسبوا ما هم مكتسبون من الإثم، عن وغيره. ابن عباس،
أفغير الله أبتغي حكما : (الحكم): أبلغ في المدح من (الحاكم); إذ لا يستحق التسمية بـ(حكم) إلا من يحكم بالحق، و (الحاكم): صفة جارية على الفعل، فقد يسمى بها من يحكم بغير الحق.
والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منـزل من ربك بالحق يعني: اليهود والنصارى.
وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا : قال (صدقا): فيما وعد، و (عدلا) فيما حكم، و (الكلمات): القرآن. قتادة:
لا مبدل لكلماته أي: لا مغير لما أخبر في كتابه أنه كائن.
وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله : المراد بالخطاب: أمة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المخاطب به.
ومعنى (يخرصون): يحدسون)، وقيل: يكذبون، وأصله: القطع; فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به..
إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله : قيل: إن (أعلم) بمعنى: عالم، وقيل: هو [ ص: 650 ] (أفعل)، والمعنى: أعلم بمن ضل عن سبيله]); أي: هو أعلم بذلك من كل من يعلمه; لعلمه بما كان منه، وما هو كائن، وبتصرفه في جميع وجوهه.
فكلوا مما ذكر اسم الله : الفاء جواب لقول المشركين للمسلمين: لم لا تأكلون ما سبقكم الله إلى إماتته؟ !
وقوله: وإن أطعتموهم إنكم لمشركون : فيه دليل على أن فهو مشرك. من أحل ما حرم الله عز وجل;
وقد فصل لكم ما حرم عليكم يعني: بينه.
إلا ما اضطررتم إليه يعني: من الميتة وما ذكر معها.