فصل
يتعلق بما قبله من اجتماع الصلاة والجهاد
وذلك أن والوقت وقتان: وقت يتقدر بالزمان، فلا يجوز تأخرها عنه بحال، والوقت الثاني يتقدر بالفعل، وذلك نوعان: أحدهما أنه إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التي أقيمت، لأن الإقامة مختصة بها بعينها، فصار ذلك الوقت وقتها المقدر لا يسع لغيرها، فلا يفعل فيه غيرها لا تطوع ولا غيره. ولهذا تنازع العلماء فيما الله أمر بالمحافظة على الصلاة، والمحافظة عليها فعلها في أول وقتها. لأن كلاهما واجب، وقد ضاق الوقت عنهما، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا ذكر العبد فائتة بعد أن أقيمت الحاضرة، . فأوجب فعلها وقضاءها على الفور، وهذا مما يحتج به على الترتيب في قضاء الفوائت، كما هو مذهب أكثر الفقهاء في الفوائت القليلة، ومذهب بعضهم في الفوائت القليلة والكثيرة. كما إذا ذكرها بعد ضيق الوقت المقدر بالزمن، هل يقدم الفائتة لتقدم وجوبها، أو يقدم الحاضرة خوف فواتها وخروجها عن وقتها فتصير فائتتين، أو يصلي الحاضرة مرتين، فيفعلها مرة لأنه وقتها، ثم يصليها بعد أن يصلي الفائتة لأجل مراعاة الترتيب؟ على ثلاثة أقوال في مذهب "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكر، فإن ذلك وقتها، لا وقت لها إلا ذلك" وغيره. وقد أحمد رجلا خرج من المسجد بعد النداء فقال: "أما هذا فقد عصى أبا [ ص: 312 ] القاسم" أبو هريرة . لأن النداء إليها عين وقتها، ولهذا رأى لأن ذلك وقت الصلاة المعين المقدر. نهوا يوم الجمعة عن البيع بعد النداء،