وكذلك الصلاة بالوضوء والغسل أكمل من الصلاة بالتيمم، والصلاة في الأماكن التي لم ينه عنها أكمل من الصلاة في مواضع النهي، كالحمام والمقبرة وأعطان الإبل. وفضل الفاضل هنا على المفضول أبلغ من فضل صلاة المستحاضة بغسل على صلاتها بغير غسل، لأن الكمال هنا لاحتمال وجوب الغسل لا للعجز عنه، ولما شك في وجوبه جاز تركه مع القدرة، وما لا يجوز تركه مع القدرة أولى مما يجوز تركه مع القدرة، والمستحب المحض دون ذلك. والصلاة في الجماعة أكمل من صلاة الرجل وحده،
بعرفة في وقت الأولى، وهذا الجمع ثابت بالسنة المتواترة وباتفاق المسلمين عليه، ومعلوم أنه قد كان يمكنه أن يترك العصر فيصليها في وقتها المختص، لكن عدل عن ذلك إلى أن قدمها مع الظهر لمصلحة تكميل الوقوف، لعلمه - صلى الله عليه وسلم - بأن اتصال الوقوف إلى المغرب بغير قطع له بصلاة العصر في أثنائه أحب إلى الله من أن يصلي العصر في وقتها الخاص، ولو أخر مؤخر العصر وصلاها في الوقت الخاص وقطع الوقوف لأجزأه ذلك فيما ذكره العلماء من غير نزاع أعلمه، ولكن ترك ما هو أحب إلى الله ورسوله، فإنه لو قطع الدعاء والذكر لبعض أعماله المباحة ووقف إلى المغرب [ ص: 337 ] لم يبطل بذلك حجه، فأن لا يبطل بترك ذلك لصلاة العصر أولى وأحرى. ودلت هذه السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن الجمع يكون للحاجة والمصلحة الشرعية، فلما لم يكن لمجرد السفر فلم يكن لمجرد النسك. والنبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين