وهكذا القول فيما يجب في الصلاة إذا أمكن فعله في الجمع فهو [ ص: 365 ] أفضل من تركه مع التفريق، وإن كان ذلك جائزا، فإن الجامع للمصلحة الراجحة قد صلى الصلاة في وقتها، وإنما يجب عليه في الوقت المختص إذا أمكن فعلها فيه كاملة، فلا يجوز له تفويت الوقت المختص بلا موجب. فأما إذا كان فعلها في الوقتين فيه نقص عفي عنه للحاجة وأمكن فعلها في المشترك بلا نقص كان أفضل.
والقرآن والسنة دلا على أن الوقت يكون، خمسة في حال الاختيار، ويكون ثلاثة في حق المعذور، كما قال رضي الله عنه: من الكبائر الجمع بين الصلاتين إلا من عذر. وقد أباح عمر بن الخطاب أحمد قال الجمع إذا كان له شغل. المراد العذر الذي يبيح ترك الجمعة والجماعة، فالعذر الذي يبيح ترك ذاك يبيح الجمع. وهذا بين، فإنه إذا سقطت الجمعة مع توكيدها والجماعة مع وجوبها، فاختصاص الوقت أولى، لأن فعلها في الوقت المشترك جماعة أفضل من فعلها في الوقت المختص فرادى. القاضي أبو يعلى:
فإذا سقطت الجماعة بالعذر فاختصاص الوقت أولى، ينبغي أن يكون الجمع أوسع. من ذلك أن الجمعة والجماعة آكد من اختصاص الوقت، وقد ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف لأجل الجماعة ما كان يمكن أن يفعل مع الانفراد مما لا يجوز إلا لعذر، إنما احتمل لأجل الجماعة مع الخوف.