قوله: من أفراد "فأدركته حيا فاذبحه" وزاد غيره بإسناده الصحيح: مسلم، "فإن أدركته ولم يقتل فاذبح واذكر اسم الله".
فهذا فيه الدلالة من وجوه عديدة:
أحدها: قول أولا: عدي وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني أرسل كلابي المعلمة فيمسكن علي وأذكر اسم الله"، وقوله: "إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه"، دليل على أن "إنما سميت على كلبك" فهم من قوله تعالى: عديا وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه أنه أمر من الله بذكر اسمه [ ص: 381 ] على الصيد، لم يرد به مجرد ذكر اسمه عند الأكل، كما ظن ذلك بعض الناس.
(ثم قال): فيقال: حديث سؤاله وجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على عدي بن حاتم وإن كانت التسمية عليه على الصيد حين الاصطياد، مأمورا بها أيضا وجوبا أو استحبابا، على قولين معروفين لأصحابنا وغيرهم. لكن التسمية حين الاصطياد مأمور بها في الآية قطعا، كما دل عليه حديث التسمية عند الأكل مع أن ظاهر القرآن يدل على ذلك أيضا، وهذه من أدلة القرآن، فإن الضمير في قوله: عدي، واذكروا اسم الله عليه ضمير عائد على "ما" في قوله: مما أمسكن عليكم ، أي: واذكروا اسم الله على ما أمسكن. وذكر اسم الله على ما أمسكن هو ذكره على الصيد حين الاصطياد، كما يقال: ذكر اسم الله على الذبيحة أي حين الذبح، وهو ذكر اسمه على الكلب حين الإرسال، كما في الحديث: وأما إذا سمى على الكلب وأرسله، فعند إرسال الكلب له يكون صاحبه بعيدا عنه، وقد لا يراه، فلا يؤمر حينئذ بالتسمية. ولم يقل أحد من أهل العلم أن ذكر اسم الله على ما أمسكن هو مخصوص بهذه الحال. "فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره ".