صلى على عزة الرحمان وابنتها ليلى ، وصلى على جاراتها الأخر
فإنه جعل ابنتها جارة لها ، ولولا ذلك لم يجز ، وقد أمعنا الكلام على مسألة أخرى في كتابنا ( التكميل ) .
قالوا : واتفقت الصحابة ومن بعدهم من التابعين ، وفقهاء الأمصار على جواز الصوم للمسافر ، وأنه لا قضاء عليه إذا صام : لأنهم كما ذكرنا ، قدروا حذفا في الآية ، والأصل أن لا حذف ، فيكون الظاهر أن الله تعالى أوجب على المريض والمسافر عدة من أيام أخر ، فلو صاما لم يجزهما ، ويجب عليهما صوم عدة ما كانا فيه من الأيام الواجب صومها على غيرهما . قالوا : وروي عن أنه قال : من صام في السفر فعليه القضاء ، وتابعه عليه شواذ من الناس ، ونقل ذلك أبي هريرة ابن عطية عن عمر وابنه عبد الله ، وعن : أن الفطر في السفر عزيمة ، ونقل غيره عن ابن عباس : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ، وقال به قوم من أهل الظاهر ، وفرق عبد الرحمن بن عوف بين المريض والمسافر ، فقال فيما لخصناه في كتابنا المسمى بـ - الأنوار الأجلى في اختصار المحلى - ما نصه : ويجب على من سافر ولو عاصيا ميلا فصاعدا الفطر إذا فارق البيوت في غير رمضان ، وليفطر المريض ويقضي بعد ، ويكره صومه ويجزئ ، وحجج هذه الأقوال في كتب الفقه . وثبت بالخبر المستفيض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو محمد بن حزم ، وروى ذلك عنه صام في السفر ، أبو الدرداء وسلمة بن المحنق ، وأبو سعيد ، وجابر ، وأنس ، عنه إباحة الصوم والفطر في السفر ، وابن عباس لحمزة بن عمرو الأسلمي وقد قال : أصوم في السفر ؟ قال : " إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر " وعلى قول الجمهور : أن ثم محذوفا ، وتقديره : فأفطر ، وأنه يجوز للمسافر أن يفطر وأن يصوم . بقوله
واختلفوا في الأفضل ، فذهب أبو حنيفة وأصحابه ، ومالك ، في بعض ما روي عنهما : إلى أن الصوم أفضل ، وبه قال من الصحابة : والشافعي ، عثمان بن أبي العاص الثقفي . قال وأنس بن مالك ابن عطية : وذهب إلى الصوم ، وقال : إنما نزلت الرخصة ونحن جياع نروح إلى جوع ، وذهب أنس بن مالك ، الأوزاعي وأحمد ، وإسحاق إلى أن الفطر أفضل ، وبه قال من الصحابة ، ابن عمر . ومن التابعين : وابن عباس ، ابن المسيب ، والشعبي ، وعمر بن عبد العزيز ومجاهد ، وقتادة . قال ابن عطية : وقال مجاهد ، وغيرهما : أيسرهما أفضلهما . وكره وعمر بن عبد العزيز ابن حنبل ، ولو صام في السفر ثم أفطر من غير عذر فعليه القضاء فقط ، قاله الصوم في السفر ، الأوزاعي وأبو حنيفة ، وزاد الليث ، والكفارة . وعن مالك القولان .
ولو أفطر مسافر ثم قدم من يومه ، أو حائض ثم طهرت في بعض النهار ، فقال جابر بن يزيد ، ، والشافعي ومالك فيما رواه ابن القاسم : يأكلان ولا يمسكان ، وقال أبو حنيفة ، والأوزاعي ، والحسن بن صالح وعبد الله بن الحسن : يمسكان بقية يومها عن ما يمسك عنه الصائم ، وقال ابن شبرمة في [ ص: 35 ] المسافر : يمسك ويقضي ، وفي الحائض : إن طهرت تأكل .
والظاهر من قوله : فعدة ، أنه يلزمه عدة ما أفطر فيه ، فلو كان الشهر الذي أفطر فيه تسعة وعشرين يوما ، قضى تسعة وعشرين يوما ، وبه قال جمهور العلماء ، وذهب إلى أنه يقضي شهرا بشهر من غير مراعاة عدد الأيام . وروي عن الحسن بن صالح مالك أنه يقضي بالأهلة ، وروي عن أنه يقضي شهرا تسعة وعشرين يوما وإن كان رمضان ثلاثين ، وهو خلاف الظاهر ، وخلاف ما أجمعوا عليه من أنه إذا كان ما أفطر فيه بعض رمضان ، فإنه يجب القضاء بالعدد ، فكذلك يجب أن يكون قضاء جميعه باعتبار العدد ، وظاهر قوله تعالى : ( الثوري فعدة من أيام أخر ) أنه لا يلزمه التتابع ، وبه قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار . وروي عن علي ، ومجاهد ، وعروة : أنه لا يفرق ، وفي قراءة أبي : " فعدة من أيام أخر متتابعات " ، وظاهر الآية : أنه لا يتعين الزمان ، بل تستحب المبادرة إلى القضاء . وقال داود : يجب عليه القضاء ثاني شوال ، فلو لم يصمه ثم مات أثم ، وهو محجوج بظاهر الآية ، وبما ثبت في الصحيح عن عائشة قالت : كان يكون علي الصوم من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه ، إلا في شعبان لشغل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو برسول الله - صلى الله عليه وسلم . وظاهر الآية أنه : ، أنه لا يجب عليه إلا القضاء فقط عن الأول ، ويصوم الثاني . وبه قال من أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر الحسن ، والنخعي ، وأبو حنيفة ، وداود ، ومالك ، ، والشافعي وأحمد ، وإسحاق ، يجب عليه الفدية مع القضاء .
وقال روي وجوب الإطعام عن ستة من الصحابة ، ولم أجد لهم من الصحابة مخالفا . وروي عن يحيى بن أكثم القاضي أنه لا قضاء عليه إذا فرط في رمضان الأول ، ويطعم عن كل يوم منه مدا من بر ، ويصوم رمضان الثاني . ومن أخر قضاء رمضان حتى مات ، فقال ابن عمر مالك ، ، والثوري : لا يصوم أحد عن أحد لا في رمضان ولا في غيره . وقال والشافعي الليث ، وأحمد ، وإسحاق ، ، وأبو ثور وأبو عبيد ، وأهل الظاهر : يصام عنه ، وخصصوه بالنذر . وقال أحمد ، وإسحاق : يطعم عنه في قضاء رمضان .