وفي هذه الآية والتي قبلها من علم البديع التقسيم ، وقد ذكرنا مناسبة هذا التقسيم للتقسيم السابق قبله في قوله : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ) . قال بعض الناس : في هذه الآيات نوع من البديع ، وهو التقديم والتأخير ، وهو من ضروب البيان في النثر والنظم ، دليل على قوة الملكة في ضروب [ ص: 120 ] من الكلام ، وذلك قوله : ( واذكروا الله في أيام معدودات ) ، متقدم على قوله : ( فمن الناس من يقول ) : لأن قوله : ( واذكروا الله في أيام معدودات ) ، معطوف عليه قوله : ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله ) ، وقوله : ( فمن الناس من يقول ) معطوف على قوله : ( ومنهم من يقول ) ، وقوله : ( ومنهم من يقول ) معطوف على قوله : ( ومن الناس من يعجبك ) ، وعلى قوله : ( ومن الناس من يشري ) : فيصير الكلام معطوفا على الذكر : لأنه مناسب لما قبله من المعنى ، ويصير التقسيم معطوفا بعضه على بعض : لأن التقسيم الأول في معنى الثاني ، فيتحد المعنى ويتسق اللفظ ، ثم قال : ومثل هذا ، فذكر قصة البقرة وقتل النفس ، وقصة المتوفى عنها زوجها في الآيتين ، قال : ومثل هذا في القرآن كثير ، يعني : التقديم والتأخير ، ولا يذهب إلى ما ذكره ، ولا تقديم ولا تأخير في القرآن : لأن التقديم والتأخير عندنا من باب الضرورات ، وتنزه كتاب الله تعالى عنه .