(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) ، أي : باليمين التي للقلب فيها كسب ، فكل يمين عقدها القلب فهي كسب له ، وكذلك فسر
مجاهد الكسب بالعقد ، كآية المائدة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89بما عقدتم الأيمان ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
والنخعي : هو أن يحلف كاذبا أو على باطل ، وهي الغموس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : هو أن يعقد الإشراك بقلبه إذا قال : هو مشرك إن فعل كذا . وقال
قتادة : بما تعمد القلب من المآثم . وهذا الذي ذكره تعالى من المؤاخذة ، هو العقوبة في الآخرة إن كانت اليمين غموسا ، أو غير غموس وترك تكفيرها ، والعقوبة في الدنيا بإلزام الكفارة إن كانت مما تكفر . واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=16460اليمين الغموس ، فقال
مالك ، وجماعة : لا تكفر ، وهي أعظم ذنبا من ذلك . وقال
عطاء ،
وقتادة ،
والربيع ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : تكفر ، والكفارة مؤاخذة . والغموس ما قصد الرجل في الحلف به الكذب ، وهي المصبورة ، سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ، ومصبورة لأن صبرها مغالبة وقوة عليها ، كما يصبر الحيوان للقتل والرمي .
nindex.php?page=treesubj&link=16459وقسمت الأيمان إلى : لغو ، ومنعقدة ، وغموس .
nindex.php?page=treesubj&link=16474_16475والمنعقدة : هي على المستقبل التي يصح فيها الحنث والبر ، وبينا اللغو والغموس . وقسمت أيضا إلى : حلف على ما من محرم ، وهي : الكاذبة ؛ ومباح : وهي الصادقة ؛ وعلى مستقبل عقدها طاعة والمقام عليها طاعة ، وحلها معصية أو مكروه ، ومقابلها أو ما هو مباح عقدها والمقام عليها وحلها ، ولكن دخلت هنا بين نقيضين باعتبار وجود اليمين ؛ لأنها لا تخلو من أن لا يقصدها القلب ، ولكن جرت على اللسان ، وهي اللغو ، أو تقصدها ، وهي المنعقدة ، وهما ضدان باعتبار أن لا توجد اليمين ؛ إذ الإنسان قد يخلو من اليمين ، وهذان النوعان من النقيضين والضد أحسن ما يقع فيه " لكن " ، وأما الخلافان ففي جواز وقوعها بينهما خلاف ، وقد تقدم طرف من هذا ، وإبدال الهمزة واوا في مثل " يؤاخذ " مقيس ، ونحوه : يؤذن ويؤلف ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) محذوف ، تقديره : ولكن يؤاخذكم في أيمانكم بما كسبت قلوبكم ، وحذف لدلالة ما قبله عليه ، و " ما " في قوله " بما " موصولة ، والعائد محذوف ، ويحتمل أن تكون مصدرية ، ويحسنه مقابلته بالمصدر ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225باللغو ) ، وجوز أن تكون نكرة موصوفة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225والله غفور حليم ) ، جاءت هاتان الصفتان تدلان على توسعة الله على عباده ؛ حيث لم يؤاخذهم
nindex.php?page=treesubj&link=16471باللغو في الأيمان ، وفي تعقيب الآية بهما إشعار بالغفران ، والحلم عن من أوعده تعالى بالمؤاخذة ، وإطماع في سعة رحمته ؛ لأن من وصف نفسه بكثرة الغفران والصفح مطموع في ما وصف به نفسه ، فهذا الوعيد الذي ذكره تعالى مقيد بالمشيئة ، كسائر وعيده تعالى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) ، أَيْ : بِالْيَمِينِ الَّتِي لِلْقَلْبِ فِيهَا كَسْبٌ ، فَكُلُّ يَمِينٍ عَقَدَهَا الْقَلْبُ فَهِيَ كَسْبٌ لَهُ ، وَكَذَلِكَ فَسَّرَ
مُجَاهِدٌ الْكَسْبَ بِالْعَقْدِ ، كَآيَةِ الْمَائِدَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَالنَّخَعِيُّ : هُوَ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا أَوْ عَلَى بَاطِلٍ ، وَهِيَ الْغَمُوسُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : هُوَ أَنْ يَعْقِدَ الْإِشْرَاكَ بِقَلْبِهِ إِذَا قَالَ : هُوَ مُشْرِكٌ إِنْ فَعَلَ كَذَا . وَقَالَ
قَتَادَةُ : بِمَا تَعَمَّدَ الْقَلْبُ مِنَ الْمَآثِمِ . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ تَعَالَى مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ ، هُوَ الْعُقُوبَةُ فِي الْآخِرَةِ إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ غَمُوسًا ، أَوْ غَيْرَ غَمُوسٍ وَتَرَكَ تَكْفِيرَهَا ، وَالْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا بِإِلْزَامِ الْكَفَّارَةِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا تُكَفَّرُ . وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16460الْيَمِينِ الْغَمُوسِ ، فَقَالَ
مَالِكٌ ، وَجَمَاعَةٌ : لَا تُكَفَّرُ ، وَهِيَ أَعْظَمُ ذَنْبًا مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ
عَطَاءٌ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالرَّبِيعُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : تُكَفَّرُ ، وَالْكَفَّارَةُ مُؤَاخَذَةٌ . وَالْغَمُوسُ مَا قَصَدَ الرَّجُلُ فِي الْحَلِفِ بِهِ الْكَذِبَ ، وَهِيَ الْمَصْبُورَةُ ، سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ ، وَمَصْبُورَةً لِأَنَّ صَبْرَهَا مُغَالَبَةٌ وَقُوَّةٌ عَلَيْهَا ، كَمَا يُصْبَرُ الْحَيَوَانُ لِلْقَتْلِ وَالرَّمْيِ .
nindex.php?page=treesubj&link=16459وَقُسِّمَتِ الْأَيْمَانُ إِلَى : لَغْوٍ ، وَمُنْعَقِدَةٍ ، وَغَمُوسٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=16474_16475وَالْمُنْعَقِدَةُ : هِيَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الْحِنْثُ وَالْبِرُّ ، وَبَيَّنَّا اللَّغْوَ وَالْغَمُوسَ . وَقُسِّمَتْ أَيْضًا إِلَى : حَلِفٍ عَلَى مَا مِنْ مُحَرَّمٍ ، وَهِيَ : الْكَاذِبَةُ ؛ وَمُبَاحٍ : وَهِيَ الصَّادِقَةُ ؛ وَعَلَى مُسْتَقْبَلٍ عَقْدُهَا طَاعَةٌ وَالْمُقَامُ عَلَيْهَا طَاعَةٌ ، وَحَلُّهَا مَعْصِيَةٌ أَوْ مَكْرُوهٌ ، وَمُقَابِلُهَا أَوْ مَا هُوَ مُبَاحٌ عَقْدُهَا وَالْمُقَامُ عَلَيْهَا وَحَلُّهَا ، وَلَكِنْ دَخَلَتْ هُنَا بَيْنَ نَقِيضَيْنِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ الْيَمِينِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ لَا يَقْصِدَهَا الْقَلْبُ ، وَلَكِنْ جَرَتْ عَلَى اللِّسَانِ ، وَهِيَ اللَّغْوُ ، أَوْ تَقْصِدُهَا ، وَهِيَ الْمُنْعَقِدَةُ ، وَهُمَا ضِدَّانِ بِاعْتِبَارِ أَنْ لَا تُوجَدَ الْيَمِينُ ؛ إِذِ الْإِنْسَانُ قَدْ يَخْلُو مِنَ الْيَمِينِ ، وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مِنَ النَّقِيضَيْنِ وَالضِّدِّ أَحْسَنُ مَا يَقَعُ فِيهِ " لَكِنْ " ، وَأَمَّا الْخِلَافَانِ فَفِي جَوَازِ وُقُوعِهَا بَيْنَهُمَا خِلَافٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ طَرَفٌ مِنْ هَذَا ، وَإِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا فِي مِثْلِ " يُؤَاخِذُ " مَقِيسٌ ، وَنَحْوُهُ : يُؤْذِنُ وَيُؤَلِّفُ ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) مَحْذُوفٌ ، تَقْدِيرُهُ : وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ فِي أَيْمَانِكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ، وَحُذِفَ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ ، وَ " مَا " فِي قَوْلِهِ " بِمَا " مَوْصُولَةٌ ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً ، وَيُحَسِّنُهُ مُقَابَلَتُهُ بِالْمَصْدَرِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225بِاللَّغْوِ ) ، وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) ، جَاءَتْ هَاتَانِ الصِّفَتَانِ تَدُلَّانِ عَلَى تَوْسِعَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ؛ حَيْثُ لَمْ يُؤَاخِذْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=16471بِاللَّغْوِ فِي الْأَيْمَانِ ، وَفِي تَعْقِيبِ الْآيَةِ بِهِمَا إِشْعَارٌ بِالْغُفْرَانِ ، وَالْحِلْمِ عَنْ مَنْ أَوْعَدَهُ تَعَالَى بِالْمُؤَاخَذَةِ ، وَإِطْمَاعٍ فِي سَعَةِ رَحْمَتِهِ ؛ لِأَنَّ مَنْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِكَثْرَةِ الْغُفْرَانِ وَالصَّفْحِ مَطْمُوعٌ فِي مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، فَهَذَا الْوَعِيدُ الَّذِي ذَكَرَهُ تَعَالَى مُقَيَّدٌ بِالْمَشِيئَةِ ، كَسَائِرِ وَعِيدِهِ تَعَالَى .