الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( تلك حدود الله فلا تعتدوها ) ، إشارة إلى الآيات التي تقدمت من قوله : ( ولا تنكحوا المشركات ) إلى هنا ، وإبراز الحدود بالاسم الظاهر لا بالضمير ؛ دليل على التعظيم لحدود الله تعالى ، وفي تكرار الإضافة تخصيص لها وتشريف ، ويحسن التكرار بالظاهر كون ذلك في جمل مختلفة . و " تلك " : مبتدأ ، و ( حدود الله ) : الخبر . ومعنى ( فلا تعتدوها ) أي : لا تجاوزوها إلى ما لم يأمركم به . ( ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) ، لما نهى عن اعتداء الحدود ، وهو تجاوزها ، وكان ذلك خطابا لمن سبق له الخطاب قبل ذلك ؛ أتى بهذه الجملة الشرطية العامة الشاملة لكل فرد فرد ممن يتعدى الحدود ، وحكم عليهم أنهم الظالمون ، والظلم وهو وضع الشيء في غير موضعه ؛ فشمل بذلك المخاطبين ، قيل : وغيرهم . و " من " شرطية ، والفاء في " فأولئك " جواب الشرط ، وحمل " يتعد " على اللفظ فأفرد ، و " أولئك " على المعنى . فجمع ، وأكد بقوله : " هم " ، وأتى في قوله : ( الظالمون ) بالألف واللام التي تفيد الحصر ، أو المبالغة في الوصف ، ويحتمل " هم " أن تكون فصلا مبتدأ وبدلا . ( فإن طلقها ) ، يعني الزوج الذي طلق مرة بعد مرة ، وهو راجع إلى قوله : ( أو تسريح بإحسان ) ، كأنه قال : فإن سرحها التسريحة الثالثة الباقية من عدد الطلاق ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، ومجاهد ، والسدي . ومن قول ابن عباس : أن الخلع فسخ عصمة وليس بطلاق ، ويحتج بهذه الآية بذكر الله للطلاقين ، ثم ذكر الخلع ، ثم ذكر الثالثة بعد الطلاقين ، ولم يك للخلع حكم يعتد به . وأما من يراه طلاقا فقال : هذا اعتراض بين الطلقتين ، والثالثة ذكر فيه أنه لا يحل أخذ شيء من مال الزوجة إلا بالشريطة التي ذكرت ، وهو حكم صالح أن يوجد في كل طلقة ، طلقة وقوع آية الخلع بين هاتين الآيتين حكمية أن الرجعة والخلع لا يصلحان إلا قبل الثالثة ، فأما بعدها فلا يبق شيء من ذلك ، وهي كالخاتمة لجميع الأحكام المعتبرة في هذا الباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية