(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=242كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240nindex.php?page=treesubj&link=28973والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ) ، الجمهور على أنها منسوخة بالآية المتقدمة المنصوص فيها على
nindex.php?page=treesubj&link=12532عدة الوفاة أنها أربعة أشهر وعشر . وقال
مجاهد : هي محكمة ، والعدة كانت قد ثبتت أربعة أشهر وعشرا ، ثم جعل الله لهن وصية منه سكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة ، فإن شاءت سكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت . حكى ذلك عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم ) . وقال
ابن عطية : الألفاظ التي حكاها
[ ص: 245 ] nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
مجاهد لا تدل على أن الآية محكمة ، ولا نص
مجاهد على ذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان ذلك ثم نسخ بنزول الفرائض ؛ فأخذت ربعها أو ثمنها ، ولم يكن لها سكنى ولا نفقة ، وصارت الوصايا لمن لا يرث . ونقل القاضي
أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي ،
وأبو محمد بن عطية الإجماع على نسخ الحول بالآية التي قبل هذه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
ابن الزبير قال : قلت
لعثمان : هذه الآية في البقرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240غير إخراج ) قد نسخت الأخرى فلم تكتبها . قال : ندعها يا ابن أخي ، لا أغير شيئا من مكانه . انتهى . ويعني
عثمان : من مكانه الذي رتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ؛ لأن ترتيب الآية من فعله - صلى الله عليه وسلم - لا من اجتهاد الصحابة . واختلفوا هل الوصية كانت واجبة من الله بعد وفاة الزوج ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعطاء ،
وقتادة ،
والضحاك ،
وابن زيد : كان لها بعد وفاته السكنى والنفقة حولا في ماله ما لم تخرج برأيها ، ثم نسخت النفقة بالربع أو الثمن ، وسكنى الحول بالأربعة الأشهر والعشر . أم كانت على سبيل الندب ؟ ندبوا بأن يوصوا للزوجات بذلك ، فيكون يتوفون على هذا يقاربون . وقاله
قتادة أيضا ،
والسدي ، وعليه حمل
الفارسي الآية في الحجة له . وقرأ الحرميان ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو بكر : " وصية " بالرفع ، وباقي السبعة بالنصب ، وارتفاع " والذين " على الابتداء . و " وصية " بالرفع على الابتداء وهي نكرة موصوفة في المعنى ، التقدير : وصية منهم أو من الله ، على اختلاف القولين في الوصية ، أهي على الإيجاب من الله ؟ أو على الندب للأزواج ؟ وخبر هذا المبتدأ هو قوله : " لأزواجهم " ، والجملة من " وصية لأزواجهم " في موضع الخبر عن " الذين " ، وأجازوا أن يكون " وصية " مبتدأ ، و " لأزواجهم " صفة ، والخبر محذوف تقديره : فعليهم وصية لأزواجهم . وحكي عن بعض النحاة أن " وصية " مرفوع بفعل محذوف تقديره : كتب عليهم وصية ، قيل : وكذلك هي في قراءة عبد الله ، وينبغي أن يحمل ذلك على أنه تفسير معنى لا تفسير إعراب ؛ إذ ليس هذا من المواضع التي يضمر فيها الفعل . وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن يكون التقدير : ووصية الذين يتوفون ، أو : وحكم الذين يتوفون وصية لأزواجهم ؛ فيكون ذلك مبتدأ على حذف مضاف ، وأجاز أيضا أن يكون التقدير : والذين يتوفون أهل وصية ، فجعل المحذوف من الخبر ، ولا ضرورة تدعو بنا إلى ادعاء هذا الحذف ، وانتصاب " وصية " على إضمار فعل ، التقدير : والذين يتوفون ؛ فيكون " والذين " مبتدأ ، و " يوصون " المحذوف هو الخبر ، وقدره
ابن عطية : ليوصوا ، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ارتفاع " والذين " على أنه مفعول لم يسم فاعله على إضمار فعل ، وانتصاب " وصية " على أنه مفعول ثان ، التقدير : وألزم الذين يتوفون منكم وصية ، وهذا ضعيف ؛ إذ ليس من مواضع إضمار الفعل ، ومثله في الضعف من رفع " والذين " على إضمار : وليوص الذين يتوفون ، وبنصب " وصية " على المصدر ، وفي حرف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " الوصية لأزواجهم " وهو مرفوع بالابتداء ، و " لأزواجهم " الخبر ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي : عليهم الوصية . وانتصب متاعا إما على إضمار فعل من لفظه ، أي : متعوهن متاعا ، أو من غير لفظه ، أي : جعل الله لهن متاعا ، أو بقوله : وصية ، أهو مصدر منون يعمل ، كقوله :
فلولا رجاء النصر منك ورهبة عقابك قد كانوا لنا كالموارد
ويكون الأصل : بمتاع ، ثم حذف حرف الجر ، فإن نصبت " وصية " فيجوز أن ينتصب متاعا بالفعل الناصب لقوله " وصية " ويكون انتصابه على المصدر ؛ لأن معنى : يوصي به بمتع بكذا ، وأجازوا أن يكون " متاعا " صفة لوصية ، وبدلا وحالا من الموصين ، أي : ممتعين ، أو ذوى متاع ، ويجوز أن ينتصب حالا من أزواجهم ، أي : ممتعات أو ذوات متاع ؛ ويكون حالا مقدرة إن كانت الوصية من الأزواج . وقرأ
أبي : " متاع لأزواجهم متاعا إلى الحول " ، وروي عنه : " فمتاع " ، ودخول الفاء في خبر " والذين " لأنه موصول ضمن
[ ص: 246 ] معنى الشرط ، فكأنه قيل : ومن يتوف ، وينتصب " متاعا إلى الحول " بهذا المصدر ؛ إذ معناه التمتيع ، كقولك : أعجبني ضرب لك زيدا ضربا شديدا . وانتصب " غير إخراج " صفة لـ " متاعا " ، أو بدلا من " متاعا " ، أو حالا من الأزواج ، أي : غير مخرجات ، أو : من الموصين ، أي : غير مخرجين ، أو مصدرا مؤكدا ، أي : لا إخراجا ، قاله
الأخفش .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف ) ، منع من له الولاية عليهن من إخراجهن ، فإن خرجن مختارات للخروج ارتفع الحرج عن الناظر في أمرهن ؛ إذ خروجهن مختارات جائز لهن ، وموضح انقطاع تعلقهن بحال الميت ؛ فليس له منعهن مما يفعلن في أنفسهن من تزويج ، وترك إحداد ، وتزين ، وخروج ، وتعرض للخطاب ، إذا كان ذلك بالمعروف شرعا . ويتعلق " فيما فعلن " بما يتعلق به " عليكم " أي : فلا جناح يستقر عليكم فيما فعلن . و " ما " موصولة ، والعائد محذوف ، أي : فعلنه ، و " من معروف " في موضع الحال من الضمير المحذوف في " فعلن " ؛ فيتعلق بمحذوف ، أي : فعلنه كائنا من معروف . وجاء هنا " من معروف " نكرة مجرورة بـ " من " ، وفي الآية الناسخة لها على قول الجمهور جاء " بالمعروف " معرفا مجرورا بالباء . والألف واللام فيه نظيرتها في قولك : لقيت رجلا ، ثم تقول : الرجل من وصفه كذا وكذا ، وكذلك أن الآية السابقة متقدمة في التلاوة متأخرة في التنزيل ، وهذه بعكسها ، ونظير ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم ) على ظاهر ما نقل ، مع قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قد نرى تقلب وجهك في السماء ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240والله عزيز حكيم ) ، ختم الآية بهاتين الصفتين ، فقوله " عزيز " إظهار للغلبة والقهر لمن منع من إنفاذ الوصية بالتمتيع المذكور ، أو أخرجهن وهن لا يخترن الخروج ، ومشعر بالوعيد على ذلك . وقوله " حكيم " إظهار أن ما شرع من ذلك فهو جار على الحكمة والإتقان ووضع الأشياء مواضعها . قال
ابن عطية : وهذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتفق عليه إلا ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
مجاهد ، وفي ذلك نظر على
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري . انتهى كلامه . وقد تقدم أول الآية ما نقل عن
مجاهد من أنها محكمة ، وهو قول
ابن عطية في ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=242كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240nindex.php?page=treesubj&link=28973وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) ، الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمَنْصُوصِ فِيهَا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=12532عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : هِيَ مُحْكَمَةٌ ، وَالْعِدَّةُ كَانَتْ قَدْ ثَبَتَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ وَصِيَّةً مِنْهُ سُكْنَى سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَإِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا ، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ . حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الْأَلْفَاظُ الَّتِي حَكَاهَا
[ ص: 245 ] nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ
مُجَاهِدٍ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ ، وَلَا نَصَّ
مُجَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ نُسِخَ بِنُزُولِ الْفَرَائِضِ ؛ فَأَخَذَتْ رُبُعَهَا أَوْ ثُمُنَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ ، وَصَارَتِ الْوَصَايَا لِمَنْ لَا يَرِثُ . وَنَقَلَ الْقَاضِي
أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضُ بْنُ مُوسَى الْيَحْصُبِيُّ ،
وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَطِيَّةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى نَسْخِ الْحَوْلِ بِالْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : قُلْتُ
لِعُثْمَانَ : هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْبَقَرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) قَدْ نَسَخَتِ الْأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا . قَالَ : نَدَعُهَا يَا ابْنَ أَخِي ، لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ مَكَانِهِ . انْتَهَى . وَيَعْنِي
عُثْمَانُ : مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي رَتَّبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْآيَةِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مِنَ اجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ . وَاخْتَلَفُوا هَلِ الْوَصِيَّةُ كَانَتْ وَاجِبَةً مِنَ اللَّهِ بَعْدَ وَفَاةِ الزَّوْجِ ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَطَاءٌ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَابْنُ زَيْدٍ : كَانَ لَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ حَوْلًا فِي مَالِهِ مَا لَمْ تَخْرُجْ بِرَأْيِهَا ، ثُمَّ نُسِخَتِ النَّفَقَةُ بِالرُّبُعِ أَوِ الثُّمُنِ ، وَسُكْنَى الْحَوْلِ بِالْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ . أَمْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ ؟ نَدَبُوا بِأَنْ يُوصُوا لِلزَّوْجَاتِ بِذَلِكَ ، فَيَكُونُ يُتَوَفَّوْنَ عَلَى هَذَا يُقَارِبُونَ . وَقَالَهُ
قَتَادَةُ أَيْضًا ،
وَالسُّدِّيُّ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ
الْفَارِسِيُّ الْآيَةَ فِي الْحُجَّةِ لَهُ . وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَأَبُو بَكْرٍ : " وَصِيَّةٌ " بِالرَّفْعِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالنَّصْبِ ، وَارْتِفَاعِ " وَالَّذِينَ " عَلَى الِابْتِدَاءِ . وَ " وَصِيَّةٌ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَهِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ فِي الْمَعْنَى ، التَّقْدِيرُ : وَصِيَّةٌ مِنْهُمْ أَوْ مِنَ اللَّهِ ، عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ ، أَهِيَ عَلَى الْإِيجَابِ مِنَ اللَّهِ ؟ أَوْ عَلَى النَّدْبِ لِلْأَزْوَاجِ ؟ وَخَبَرُ هَذَا الْمُبْتَدَأِ هُوَ قَوْلُهُ : " لِأَزْوَاجِهِمْ " ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ " وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ " فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ عَنِ " الَّذِينَ " ، وَأَجَازُوا أَنْ يَكُونَ " وَصِيَّةٌ " مُبْتَدَأً ، وَ " لِأَزْوَاجِهِمْ " صِفَةً ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : فَعَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ النُّحَاةِ أَنَّ " وَصِيَّةٌ " مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : كُتِبَ عَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ ، قِيلَ : وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرُ مَعْنَى لَا تَفْسِيرُ إِعْرَابٍ ؛ إِذْ لَيْسَ هَذَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُضْمَرُ فِيهَا الْفِعْلُ . وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : وَوَصِيَّةُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ ، أَوْ : وَحُكْمُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُبْتَدَأً عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، وَأَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ أَهْلُ وَصِيَّةٍ ، فَجَعَلَ الْمَحْذُوفَ مِنَ الْخَبَرِ ، وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو بِنَا إِلَى ادِّعَاءِ هَذَا الْحَذْفِ ، وَانْتِصَابُ " وَصِيَّةً " عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، التَّقْدِيرُ : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ ؛ فَيَكُونُ " وَالَّذِينَ " مُبْتَدَأً ، وَ " يُوصُونَ " الْمَحْذُوفُ هُوَ الْخَبَرُ ، وَقَدَّرَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ : لِيُوصُوا ، وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ارْتِفَاعَ " وَالَّذِينَ " عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، وَانْتِصَابُ " وَصِيَّةً " عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ ، التَّقْدِيرُ : وَأُلْزِمَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَصِيَّةً ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ إِذْ لَيْسَ مِنْ مَوَاضِعِ إِضْمَارِ الْفِعْلِ ، وَمِثْلُهُ فِي الضَّعْفِ مَنْ رَفَعَ " وَالَّذِينَ " عَلَى إِضْمَارِ : وَلْيُوصِ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ ، وَبِنَصْبِ " وَصِيَّةً " عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَفِي حَرْفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : " الْوَصِيَّةُ لِأَزْوَاجِهِمْ " وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ ، وَ " لِأَزْوَاجِهِمُ " الْخَبَرُ ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّةُ . وَانْتَصَبَ مَتَاعًا إِمَّا عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ مِنْ لَفْظِهِ ، أَيْ : مَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا ، أَوْ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ ، أَيْ : جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ مَتَاعًا ، أَوْ بِقَوْلِهِ : وَصِيَّةً ، أَهُوَ مَصْدَرٌ مُنَوَّنٌ يَعْمَلُ ، كَقَوْلِهِ :
فَلَوْلَا رَجَاءُ النَّصْرِ مِنْكَ وَرَهْبَةٌ عِقَابَكَ قَدْ كَانُوا لَنَا كَالْمَوَارِدِ
وَيَكُونُ الْأَصْلُ : بِمَتَاعٍ ، ثُمَّ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ ، فَإِنْ نَصَبْتَ " وَصِيَّةً " فَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ مَتَاعًا بِالْفِعْلِ النَّاصِبِ لِقَوْلِهِ " وَصِيَّةً " وَيَكُونُ انْتِصَابُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى : يُوصِي بِهِ بِمُتَعٍ بِكَذَا ، وَأَجَازُوا أَنْ يَكُونَ " مَتَاعًا " صِفَةً لِوَصِيَّةٍ ، وَبَدَلًا وَحَالًا مِنَ الْمُوصِينَ ، أَيْ : مُمَتِّعِينَ ، أَوْ ذَوَى مَتَاعٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ حَالًا مِنْ أَزْوَاجِهِمْ ، أَيْ : مُمَتَّعَاتٍ أَوْ ذَوَاتِ مَتَاعٍ ؛ وَيَكُونُ حَالًا مُقَدَّرَةً إِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مِنَ الْأَزْوَاجِ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : " مَتَاعٌ لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ " ، وَرُوِيَ عَنْهُ : " فَمَتَاعٌ " ، وَدُخُولُ الْفَاءِ فِي خَبَرِ " وَالَّذِينَ " لِأَنَّهُ مَوْصُولٌ ضُمِّنَ
[ ص: 246 ] مَعْنَى الشَّرْطِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَمَنْ يُتَوَفَّ ، وَيَنْتَصِبُ " مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ " بِهَذَا الْمَصْدَرِ ؛ إِذْ مَعْنَاهُ التَّمْتِيعُ ، كَقَوْلِكَ : أَعْجَبَنِي ضَرْبٌ لَكَ زَيْدًا ضَرْبًا شَدِيدًا . وَانْتَصَبَ " غَيْرَ إِخْرَاجٍ " صِفَةً لِـ " مَتَاعًا " ، أَوْ بَدَلًا مِنْ " مَتَاعًا " ، أَوْ حَالًا مِنَ الْأَزْوَاجِ ، أَيْ : غَيْرَ مُخْرَجَاتٍ ، أَوْ : مِنَ الْمُوصِينَ ، أَيْ : غَيْرَ مُخْرِجِينَ ، أَوْ مَصْدَرًا مُؤَكَّدًا ، أَيْ : لَا إِخْرَاجًا ، قَالَهُ
الْأَخْفَشُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ ) ، مَنَعَ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِنَّ مِنْ إِخْرَاجِهِنَّ ، فَإِنْ خَرَجْنَ مُخْتَارَاتٍ لِلْخُرُوجِ ارْتَفَعَ الْحَرَجُ عَنِ النَّاظِرِ فِي أَمْرِهِنَّ ؛ إِذْ خُرُوجُهُنَّ مُخْتَارَاتٍ جَائِزٌ لَهُنَّ ، وَمُوَضَّحٌ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِهِنَّ بِحَالِ الْمَيِّتِ ؛ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُنَّ مِمَّا يَفْعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ تَزْوِيجٍ ، وَتَرْكِ إِحْدَادٍ ، وَتَزَيُّنٍ ، وَخُرُوجٍ ، وَتَعَرُّضٍ لِلْخُطَّابِ ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ شَرْعًا . وَيَتَعَلَّقُ " فِيمَا فَعَلْنَ " بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ " عَلَيْكُمْ " أَيْ : فَلَا جُنَاحَ يَسْتَقِرُّ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ . وَ " مَا " مَوْصُولَةٌ ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : فَعَلْنَهُ ، وَ " مِنْ مَعْرُوفٍ " فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ فِي " فَعَلْنَ " ؛ فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ ، أَيْ : فَعَلْنَهُ كَائِنًا مِنْ مَعْرُوفٍ . وَجَاءَ هُنَا " مِنْ مَعْرُوفٍ " نَكِرَةً مَجْرُورَةً بِـ " مِنْ " ، وَفِي الْآيَةِ النَّاسِخَةِ لَهَا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ جَاءَ " بِالْمَعْرُوفِ " مُعَرَّفًا مَجْرُورًا بِالْبَاءِ . وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ نَظِيرَتُهَا فِي قَوْلِكَ : لَقِيتُ رَجُلًا ، ثُمَّ تَقُولُ : الرَّجُلُ مِنْ وَصْفِهِ كَذَا وَكَذَا ، وَكَذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ السَّابِقَةَ مُتَقَدِّمَةٌ فِي التِّلَاوَةِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي التَّنْزِيلِ ، وَهَذِهِ بِعَكْسِهَا ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ ) عَلَى ظَاهِرِ مَا نُقِلَ ، مَعَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ، خَتَمَ الْآيَةَ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ ، فَقَوْلُهُ " عَزِيزٌ " إِظْهَارٌ لِلْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ لِمَنْ مَنَعَ مِنْ إِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّمْتِيعِ الْمَذْكُورِ ، أَوْ أَخْرَجَهُنَّ وَهُنَّ لَا يَخْتَرْنَ الْخُرُوجَ ، وَمُشْعِرٌ بِالْوَعِيدِ عَلَى ذَلِكَ . وَقَوْلُهُ " حَكِيمٌ " إِظْهَارُ أَنَّ مَا شُرِعَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْحِكْمَةِ وَالْإِتْقَانِ وَوَضْعِ الْأَشْيَاءِ مَوَاضِعَهَا . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ زَالَ حُكْمُهُ بِالنَّسْخِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إِلَّا مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ
مُجَاهِدٍ ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ . انْتَهَى كَلَامُهُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْآيَةِ مَا نُقِلَ عَنْ
مُجَاهِدٍ مِنْ أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَطِيَّةَ فِي ذَلِكَ .