السحر : بفتح الحاء ، وسكونها ، قال قوم منهم : الوقت قبل طلوع الفجر ، ومنه يقال : تسحر أكل في ذلك الوقت ، واستحر : سار فيه قال . الزجاج
بكرن بكورا واستحرت بسحرة فهن لوادي الرس كاليد للفم
واستحر الطائر : صاح وتحرك فيه قال :
يعل به برد أنيابها إذا غرد الطائر المستحر
وأسحر الرجل واستحر : دخل في السحر قال :
وأدلج من طيبة مسرعا فجاء إلينا وقد أسحرا
وقال بعض اللغويين السحر : من ثلث الليل الآخر إلى الفجر ، وجاء في بعض الأشعار عن العرب أن السحر يستمر حكمه فيما بعد الفجر . وقيل : السحر عند العرب يكون من آخر الليل ثم يستمر إلى الإسفار . وأصل السحر الخفاء للطفة ، ومنه السحر والسحر .
( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم ) نزلت [ ص: 399 ] حين قال عمر عندما نزل : ( زين للناس ) يا رب الآن حين زينتها . ولما ذكر تعالى أن ( عنده حسن المآب ) ذكر المآب وأنه خير من متاع الدنيا ، لأنه خير خال من شوب المضار ; وباق لا ينقطع . والهمزة في : أؤنبئكم ، الأولى همزة الاستفهام دخلت على همزة المضارعة ، وقرئ في السبعة بتحقيق الهمزتين من غير إدخال ألف بينهما ، وبتحقيقهما ، وإدخال ألف بينهما ، وبتسهيل الثانية من غير ألف بينهما . ونقل الحركة إلى اللام ، وحذف الهمزة . وبتسهيلها وإدخال ألف بينهما . وفي هذه الآية تسلية عن زخارف الدنيا ، وتقوية لنفوس تاركها ، وتشريف الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ، ولما قال : ذلك متاع ، فأفرد ، جاء بخير من ذلكم ، فأفرد اسم الإشارة ، وإن كان هناك مشارا به إلى ما تقدم ذكره ، وهو كثير . فهذا مشار به إلى ما أشير بذلك ، وخير ، هنا أفعل التفضيل ، ولا يجوز أن يراد به خير من الخيور ، ويكون : من ذلكم ، صفة لما يلزم في ذلك من أن يكون ما رغبوا فيه بعضا مما زهدوا فيه . ورش
( للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) يحتمل أن يكون للذين متعلقا بقوله : بخير من ذلكم ، وجنات ، خبر مبتدأ محذوف أي : هو جنات ، فتكون ذلك تبيينا لما أبهم في قوله : بخير من ذلكم ، ويؤيد ذلك قراءة يعقوب : جنات ، بالجر بدلا من : بخير ، كما تقول : مررت برجل زيد ، بالرفع ، وزيد بالجر ، وجوز في قراءة يعقوب أن يكون : جنات ، منصوبا على إضمار : أعني ، ومنصوبا على البدل على موضع بخير ، لأنه نصب . ويحتمل أن يكون : للذين ، خبرا لجنات ، على أن تكون مرتفعة على الابتداء ، ويكون الكلام تم عند قوله : بخير من ذلكم ، ثم بين ذلك الخير لمن هو ; فعلى هذا العامل في : عند ربهم ، العامل في : للذين ، وعلى القول الأول العامل فيه قوله : بخير .
( خالدين فيها وأزواج مطهرة ) تقدم تفسير هذا وما قبله .
( ورضوان من الله ) بدأ أولا بذكر المقر ، وهو الجنات التي قال فيها ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) " " ثم انتقل من ذكرها إلى ذكر ما يحصل به الأنس التام من الأزواج المطهرة ، ثم انتقل من ذلك إلى ما هو أعظم الأشياء وهو رضا الله عنهم ، فحصل بمجموع ذلك اللذة الجسمانية والفرح الروحاني ، حيث علم برضا الله عنه ، كما جاء في الحديث أنه تعالى : " فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . ففي هذه الآية الانتقال من عال إلى أعلى منه ، ولذلك جاء في سورة براءة ، قد ذكر تعالى الجنات والمساكن الطيبة فقال : ( يسأل أهل الجنة هل رضيم ؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب وأي شيء أفضل من ذلك ؟ قال : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدا ورضوان من الله أكبر ) يعنى : أكبر مما ذكر من الجنات والمساكن . وقال الماتريدي : أهل الجنة مطهرون ; لأن العيوب في الأشياء علم الفناء ، وهم خلقوا للبقاء ، وخص النساء بالطهر لما فيهن في الدنيا من فضل المعايب والأذى . وقال أبو بكر : ورضوان ، بالضم حيث وقع إلا في ثاني العقود ، فعنه خلاف . وباقي السبعة بالكسر ، وقد ذكرنا أنهما لغتان .