(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28974وما كنت لديهم إذ يختصمون ) أي : بسبب
مريم ، ويحتمل أن يكون هذا الاختصام هو الاقتراع ، وأن يكون اختصاما آخر بعده ، والمقصود : شدة رغبتهم في التكفل بشأنها . والعامل في : إذ ، العامل في : لديهم ، أو ، كنت ، على قول
أبي علي في : إذ يلقون . وتضمنت هذه الآية من ضروب الفصاحة التكرار في : اصطفاك ، وفي : يا مريم ، وفي : ما كنت لديهم . قيل : والتقديم والتأخير في : واسجدي واركعي ، على بعض الأقوال . والاستعارة ، فيمن جعل القنوت والسجود والركوع ليس كناية عن الهيئات التي في الصلاة ، والإشارة بذلك من أنباء الغيب ، والعموم المراد به الخصوص في : نساء العالمين ؛ على أحد التفسيرين ، والتشبيه في : أقلامهم ، إذا قلنا إنه أراد القداح . والحذف على عدة مواضع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28974إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه ) العامل في : إذا ، اذكر ، أو : يختصمون ، أو إذ ، بدل من إذ ، في قوله : إذ يختصمون ، أو من : وإذ قالت الملائكة ، أقوال ؛ يلزم في القولين المتوسطين اتحاد زمان الاختصام ، وزمان قول الملائكة ، وهو بعيد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . ويبعد الرابع لطول الفصل بين البدل والمبدل منه . والرابع اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وبه بدأ . والخلاف في الملائكة : أهم جمع من الملائكة ، أو
جبريل وحده على ما سبق قبل في خطابهم
لزكريا ولمريم ؟ وتقدم تكليم الملائكة قبل هذا التبشير بذكر الاصطفاء ، والتطهير من الله ، وبالأمن بالعبادة له على سبيل التأنيس واللطف ، ليكون ذلك مقدمة لهذا التبشير بهذا الأمر العجيب الخارق الذي لم يجر لامرأة قبلها ، ولا يجري لامرأة بعدها ، وهو أنها تحمل من غير مس ذكر لها ، وكان جري ذلك الخارق من رزق الله لها أيضا تأنيسا لهذا الخارق .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : وإذ قال الملائكة . والكلمة من الله هو
عيسى - عليه السلام ، سمي كلمة لصدوره بكلمة : كن ، بلا أب . قاله
قتادة . وقيل : لتسميته المسيح ، وهو كلمة من الله أي : من كلام الله . وقيل : لوعد الله به في كتابه التوراة والكتب السابقة . وفي التوراة : أتانا الله من
سيناء ، وأشرق من
ساعر ، واستعلن من
جبال فاران . و
ساعر هو الموضع الذي بعث منه
المسيح . وقيل : لأن الله يهدي بكلمته . وقيل : لأنه جاء على وفق كلمة
جبريل ، وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=19إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ) فجاء على الصفة التي وصف . وقيل : سماه الله بذلك كما سمى من شاء من سائر خلقه بما شاء من الأسماء ، فيكون على هذا علما موضوعا له لم تلحظ فيه جهة مناسبة . وقيل : الكلمة هنا لا يراد بها
عيسى ، بل الكلمة بشارة الملائكة
لمريم بعيسى . وقيل : بشارة النبي لها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45اسمه المسيح عيسى بن مريم ) الضمير في اسمه ، عائد على : الكلمة ، على معنى : نبشرك بمكون منه ، أو بموجود من الله . وسمي المسيح ; لأنه مسح بالبركة ، قاله
الحسن ،
وسعيد ،
وشمر . أو : بالدهن الذي يمسح به الأنبياء ، خرج من بطن أمه ممسوحا به ، وهو دهن طيب الرائحة إذا مسح به شخص علم أنه نبي . أو : بالتطهير من الذنوب ، أو : بمسح
جبريل له بجناحه ، أو : لمسح رجليه فليس فيهما خمص ، والأخمص ما تجافى عن الأرض من باطن الرجل ، وكان
عيسى أمسح القدم لا أخمص له . قال الشاعر :
[ ص: 460 ] بات يقاسيها غلام كالزلم خدلج الساقين ممسوح القدم
أو : لمسح الجمال إياه ، وهو ظهوره عليه ، كما قال الشاعر :
على وجه مي مسحة من ملاحة
أو : لمسحة من الأقذار التي تنال المولودين ; لأن أمه كانت لا تحيض ، ولم تدنس بدم نفاس . أقوال سبعة ، ويكون : فعيل ، فيها بمعنى مفعول ، والألف واللام في المسيح للغلبة ؛ مثلها في : الدبران ، والعيوق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : سمي بذلك لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلا بريء ، فعلى هذا يكون : فعيل مبنيا للمبالغة : كعليم ، ويكون من الأمثلة التي حولت من فاعل إلى فعيل للمبالغة . وقيل : من المساحة ، وكان يجول في الأرض فكأنه كان يمسحها . وقيل : هو مفعل من ساح يسيح من السياحة . وقال
مجاهد ،
والنخعي : المسيح : الصديق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : المسيح : الملك ، سمي بذلك ; لأنه ملك إحياء الموتى ، وغير ذلك من الآيات . وقال
أبو عبيد : أصله بالعبرانية مشيحا ، فغير ، فعلى هذا يكون اسما مرتجلا ليس هو مشتقا من المسح ولا من السياحة (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45عيسى ابن مريم ) الأبناء ينسبون إلى الآباء ، ونسب إليها ، وإن كان الخطاب لها إعلاما أنه يولد من غير أب فلا ينسب إلا إليها .
والظاهر أن اسمه المسيح ، فيكون : اسمه المسيح : مبتدأ وخبرا . وعيسى : جوزوا فيه أن يكون خبرا ، بعد خبر ، وأن يكون بدلا ، وأن يكون عطف بيان . ومنع بعض النحويين أن يكون خبرا بعد خبر ، وقال : كان يلزم أن يكون أسماه على المعنى ، أو أسماها على لفظ الكلمة ، ويجوز أن يكون :
عيسى ، خبرا لمبتدأ محذوف ، أي : هو
عيسى ابن مريم . قال
ابن عطية : ويدعو إلى هذا كون قوله :
ابن مريم ، صفة :
لعيسى ، إذ قد أجمع الناس على كتبه دون الألف . وأما على البدل ، أو عطف البيان ، فلا يجوز أن يكون :
ابن مريم ، صفة :
لعيسى ; لأن الاسم هنا لم يرد به الشخص . هذه النزعة
لأبي علي ، وفي صدر الكلام نظر ، انتهى كلامه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري فإن قلت لم قيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45اسمه المسيح عيسى بن مريم ) وهذه ثلاثة أشياء الاسم منها :
عيسى ، وأما : المسيح والابن : فلقب ، وصفة ؟ . قلت : الاسم للمسمى علامة يعرف بها ، ويتميز من غيره ، فكأنه قيل : الذي يعرف به ، ويتميز ممن سواه ؛ مجموع هذه الثلاثة ، انتهى كلامه . ويظهر من كلامه أن اسمه مجموع هذه الثلاثة ، فتكون الثلاثة أخبارا عن قوله : اسمه ، ويكون من باب : هذا حلو حامض ، وهذا : أعسر يسر . فلا يكون أحدها على هذا مستقلا بالخبرية . ونظيره في كون الشيئين ، أو الأشياء في حكم شيء واحد قول الشاعر :
كيف أصبحت كيف أمسيت مما يزرع الود في فؤاد الكريم ؟
أي : مجموع هذا مما يزرع الود ، فلما جاز في المبتدأ أن يتعدد دون حرف عطف إذا كان المعنى على المجموع ، كذلك يجوز في الخبر . وأجاز
أبو البقاء أن يكون : ابن مريم ، خبر مبتدأ محذوف أي : هو ابن مريم ، ولا يجوز أن يكون بدلا مما قبله ، ولا صفة لأن :
ابن مريم ، ليس باسم . ألا ترى أنك لا تقول : اسم هذا الرجل ابن عمرو إلا إذا كان علما عليه ؟ انتهى .
قال بعضهم : ومن قال إن المسيح صفة
لعيسى ، فيكون في الكلام تقديم وتأخير تقديره : اسمه
عيسى المسيح ، لأن الصفة تابعة لموصوفها انتهى . ولا يصح أن يكون المسيح في هذا التركيب صفة ، لأن المخبر به على هذا اللفظ والمسيح من صفة المدلول ، لا من صفة الدال ; إذ لفظ
عيسى ليس المسيح . ومن قال : إنهما اسمان تقدم المسيح على عيسى لشهرته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : وإنما بدأ بلقبه لأن : المسيح ، أشهر من :
عيسى ، لأنه قل أن يقع على سمي يشتبه ،
وعيسى قد يقع على عدد كثير ، فقدمه لشهرته . ألا ترى أن ألقاب الخلفاء أشهر من أسمائهم ؟ وهذا يدل على أن المسيح عند
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري لقب لا اسم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وعيسى معرب من : ايسوع ، وإن جعلته عربيا لم ينصرف في معرفة ، ولا
[ ص: 461 ] نكرة ; لأن فيه ألف تأنيث ، ويكون مشتقا من : عاسه يعوسه ، إذا ساسه وقام عليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : مشتق من العيس ، كالرقم في الماء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28974وجيها في الدنيا والآخرة ) قال
ابن قتيبة : الوجيه ذو الجاه ، يقال : وجه الرجل يوجه وجاهة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : الوجيه المحب المقبول . وقال
الأخفش : الشريف ذو القدر والجاه . وقيل : الكريم على من يسأله ، لأنه لا يرده لكرم وجهه ، ومعناه في حق
عيسى أن وجاهته في الدنيا بنبوته ، وفي الآخرة بعلو درجته . وقيل : في الدنيا بالطاعة ، وفي الآخرة بالشفاعة . وقيل : في الدنيا بإحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص ، وفي الآخرة بالشفاعة . وقيل : في الدنيا كريما لا يرد وجهه ، وفي الآخرة في علية المرسلين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الوجاهة في الدنيا النبوة والتقدم على الناس ، وفي الآخرة الشفاعة وعلو الدرجة في الجنة . وقال
ابن عطية : وجاهة عيسى في الدنيا نبوته وذكره ورفعه ، وفي الآخرة مكانته ونعميه وشفاعته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45ومن المقربين ) معناه من الله تعالى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وكونه من المقربين رفعه إلى السماء وصحبته الملائكة . وقال
قتادة : ومن المقربين عند الله يوم القيامة . وقيل : من الناس بالقبول والإجابة ، قاله
الماوردي . وقيل : معناه : المبالغ في تقريبهم ; لأن " فعل " من صيغ المبالغة ، فقال : قربه يقربه إذا بالغ في تقريبه انتهى . وليس " فعل " هنا من صيغ المبالغة ; لأن التضعيف هنا للتعدية ، إنما يكون للمبالغة في نحو : جرحت زيدا ، وموت الناس .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45ومن المقربين ) معطوف على قوله : وجيها ، وتقديره : ومقربا من جملة المقربين . أعلم تعالى أن ثم مقربين ، وأن
عيسى منهم . ونظير هذا العطف قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ) فقوله : وبالليل ، جار ومجرور في موضع الحال ، وهو معطوف على : مصبحين ، وجاءت هذه الحال هكذا ; لأنها من الفواصل ، فلو جاء : ومقربا ، لم تكن فاصلة ، وأيضا فأعلم تعالى أن
عيسى مقرب من جملة المقربين ، والتقريب صفة جليلة عظيمة . ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172ولا الملائكة المقربون ) ؟ وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=88فأما إن كان من المقربين فروح ) وهو تقريب من الله تعالى بالمكانة ، والشرف وعلو المنزلة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46ويكلم الناس في المهد وكهلا ) وعطف : ويكلم ، وهو حال أيضا على : وجيها ، ونظيره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ) أي : وقابضات . وكذلك : ويكلم ، أي : ومكلما . وأتى في الحال الأولى بالاسم ; لأن الاسم هو للثبوت ، وجاءت الحال الثانية جارا ومجرورا لأنه يقيد بالاسم . وجاءت الحالة الثالثة جملة ; لأنها في الرتبة الثالثة . ألا ترى أن الحال وصف في المعنى ؟ فكما أن الأحسن والأكثر في لسان العرب ، أنه إذا اجتمع أوصاف متغايرة بدئ بالاسم ، ثم الجار والمجرور ، ثم بالجملة . كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=28وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ) فكذلك الحال ، بدئ بالاسم ، ثم الجار والمجرور ، ثم بالجملة ، وكانت هذه الجملة مضارعية لأن الفعل يشعر بالتجدد ، كما أن الاسم يشعر بالثبوت ، ويتعلق : في المهد ، بمحذوف إذ هو في موضع الحال ، التقدير : كائنا في المهد وكهلا ، معطوف على هذه الحال ، كأنه قيل : طفلا وكهلا ، فعطف صريح الحال على الجار والمجرور الذي في موضع الحال . ونظيره عكسا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ) ومن زعم أن : وكهلا ، معطوف على : وجيها ، فقد أبعد .
والمهد : مقر الصبي في رضاعه ، وأصله مصدر سمي به ، يقال : مهدت لنفسي بتخفيف الهاء وتشديدها ، أي : وطأت ، ويقال : أمهد الشيء : ارتفع . وتقدم تفسير الكهل لغة . وقال
مجاهد : الكهل الحليم ، وهذا تفسير باللازم غالبا ، لأن الكهل يقوى عقله وإدراكه وتجربته ، فلا يكون في ذلك كالشارخ ، والعرب تتمدح بالكهولة ، قال :
وما ضر من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامى للعلى وكهول
ولذلك خص هذا السن في الآية دون سائر العمر ; لأنها الحالة الوسطى في استحكام العقل وجودة الرأي ، وفي قوله : وكهلا ، تبشير بأنه يعيش إلى سن الكهولة ، قاله
الربيع ، ويقال : إن
مريم ولدته لثمانية
[ ص: 462 ] أشهر ، ومن ولد لذلك لم يعش ، فكان ذلك بشارة لها بعيشه إلى هذا السن . وقيل : كانت العادة أن من تكلم في المهد مات ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46في المهد وكهلا ) إشارة إلى تقلب الأحوال عليه ، ورد على
النصارى في دعواهم إلهيته . وقال
ابن كيسان : ذكر ذلك قبل أن يخلقه إعلاما به أنه يكتهل ، فإذا أخبرت به
مريم علم أنه من علم الغيب . واختلف في كلامه : في المهد ، أكان ساعة واحدة ، ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغ النطق ؟ أو كان يتكلم دائما في المهد حتى بلغ إبان الكلام ؟ قولان : الأول : عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . ونقل
الثعالبي أشياء من كلامه لأمه ، وهو مرضع ، والظاهر أنه كان حين كلم الناس في المهد نبيا لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) ولظهور هذه المعجزة منه والتحدي بها . وقيل : لم يكن نبيا في ذلك الوقت ، وإنما كان الكلام تأسيسا لنبوته ، فيكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30وجعلني نبيا ) إخبارا عما يئول إليه بدليل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وأوصاني بالصلاة والزكاة ) ولم يتعرض لوقت كلامه إذا كان كهلا ، فقيل : كلامه قبل رفعه إلى السماء كلمهم بالوحي والرسالة .
وقيل : ينزل من السماء كهلا ابن ثلاث وثلاثين سنة ، فيقول لهم : إني عبد الله ، كما قال في المهد ، وهذه فائدة قوله : وكهلا ، أخبر أنه ينزل عند قتله الدجال كهلا ، قاله
ابن زيد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : معناه : ويكلم الناس في هاتين الحالتين كلام الأنبياء من غير تفاوت بين حال الطفولة ، وحال الكهولة التي يستحكم فيها العقل ، وينبأ فيها الأنبياء انتهى .
قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=31984وتكلم في المهد سبعة : عيسى ، و
يحيى ، و
شاهد يوسف ، و
صاحب جريج . وصبي ماشطة امرأة فرعون ، وصاحب الجبار ، وصاحب الأخدود ، وقصص هؤلاء مروية ، ولا يعارض هذا ما جاء من حصر من تكلم رضيعا في ثلاثة ; لأن ذلك كان إخبارا قبل أن يعلم بالباقين ، فأخبر على سبيل ما أعلم به أولا ، ثم أعلم بالباقين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46ومن الصالحين ) أي : وصالحا من جملة الصالحين ، وتقدم تفسير الصلاح الموصوف به الأنبياء . وانتصاب : وجيها ، وما عطف عليه على الحال من قوله : بكلمة منه ، وحسن ذلك ، وإن كان نكرة ، كونه وصف بقوله : منه ، وبقوله : منه ، وبقوله : اسمه
المسيح .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28974وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) أَيْ : بِسَبَبِ
مَرْيَمَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الِاخْتِصَامُ هُوَ الِاقْتِرَاعُ ، وَأَنْ يَكُونَ اخْتِصَامًا آخَرَ بَعْدَهُ ، وَالْمَقْصُودُ : شِدَّةُ رَغْبَتِهِمْ فِي التَّكَفُّلِ بِشَأْنِهَا . وَالْعَامِلُ فِي : إِذْ ، الْعَامِلُ فِي : لَدَيْهِمْ ، أَوْ ، كُنْتَ ، عَلَى قَوْلِ
أَبِي عَلِيٍّ فِي : إِذْ يُلْقُونَ . وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ ضُرُوبِ الْفَصَاحَةِ التَّكْرَارَ فِي : اصْطَفَاكِ ، وَفِي : يَا مَرْيَمُ ، وَفِي : مَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ . قِيلَ : وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي : وَاسْجُدِي وَارْكَعِي ، عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ . وَالِاسْتِعَارَةُ ، فِيمَنْ جَعَلَ الْقُنُوتَ وَالسُّجُودَ وَالرُّكُوعَ لَيْسَ كِنَايَةً عَنِ الْهَيْئَاتِ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ ، وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ ، وَالْعُمُومُ الْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ فِي : نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ؛ عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ ، وَالتَّشْبِيهُ فِي : أَقْلَامِهِمْ ، إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ أَرَادَ الْقِدَاحَ . وَالْحَذْفُ عَلَى عِدَّةِ مَوَاضِعَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28974إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ) الْعَامِلُ فِي : إِذَا ، اذْكُرْ ، أَوْ : يَخْتَصِمُونَ ، أَوْ إِذْ ، بَدَلٌ مِنْ إِذْ ، فِي قَوْلِهِ : إِذْ يَخْتَصِمُونَ ، أَوْ مِنْ : وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ ، أَقْوَالٌ ؛ يَلْزَمُ فِي الْقَوْلَيْنِ الْمُتَوَسِّطَيْنِ اتِّحَادُ زَمَانِ الِاخْتِصَامِ ، وَزَمَانِ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ . وَيَبْعُدُ الرَّابِعُ لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ . وَالرَّابِعُ اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ وَبِهِ بَدَأَ . وَالْخِلَافُ فِي الْمَلَائِكَةِ : أَهُمْ جَمْعٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، أَوْ
جِبْرِيلُ وَحْدَهُ عَلَى مَا سَبَقَ قَبْلُ فِي خِطَابِهِمْ
لِزَكَرِيَّا وَلِمَرْيَمَ ؟ وَتَقَدَّمَ تَكْلِيمُ الْمَلَائِكَةِ قَبْلَ هَذَا التَّبْشِيرِ بِذِكْرِ الِاصْطِفَاءِ ، وَالتَّطْهِيرِ مِنَ اللَّهِ ، وَبِالْأَمْنِ بِالْعِبَادَةِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّأْنِيسِ وَاللُّطْفِ ، لِيَكُونَ ذَلِكَ مُقَدِّمَةً لِهَذَا التَّبْشِيرِ بِهَذَا الْأَمْرِ الْعَجِيبِ الْخَارِقِ الَّذِي لَمْ يَجْرِ لِامْرَأَةٍ قَبْلَهَا ، وَلَا يَجْرِي لِامْرَأَةٍ بَعْدَهَا ، وَهُوَ أَنَّهَا تَحْمِلُ مِنْ غَيْرِ مَسِّ ذَكَرٍ لَهَا ، وَكَانَ جَرْيُ ذَلِكَ الْخَارِقِ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ لَهَا أَيْضًا تَأْنِيسًا لِهَذَا الْخَارِقِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ : وَإِذْ قَالَ الْمَلَائِكَةُ . وَالْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ هُوَ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ ، سُمِّيَ كَلِمَةً لِصُدُورِهِ بِكَلِمَةِ : كُنْ ، بِلَا أَبٍ . قَالَهُ
قَتَادَةُ . وَقِيلَ : لِتَسْمِيَتِهِ الْمَسِيحَ ، وَهُوَ كَلِمَةٌ مِنَ اللَّهِ أَيْ : مِنْ كَلَامِ اللَّهِ . وَقِيلَ : لِوَعْدِ اللَّهِ بِهِ فِي كِتَابِهِ التَّوْرَاةِ وَالْكُتُبِ السَّابِقَةِ . وَفِي التَّوْرَاةِ : أَتَانَا اللَّهُ مِنْ
سَيْنَاءَ ، وَأَشْرَقَ مِنْ
سَاعِرَ ، وَاسْتَعْلَنَ مِنْ
جِبَالِ فَارَانَ . و
سَاعِرٌ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي بُعِثَ مِنْهُ
الْمَسِيحُ . وَقِيلَ : لِأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي بِكَلِمَتِهِ . وَقِيلَ : لِأَنَّهُ جَاءَ عَلَى وَفْقِ كَلِمَةِ
جِبْرِيلَ ، وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=19إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) فَجَاءَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وُصِفَ . وَقِيلَ : سَمَّاهُ اللَّهُ بِذَلِكَ كَمَا سَمَّى مَنْ شَاءَ مِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَسْمَاءِ ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا عَلَمًا مَوْضُوعًا لَهُ لَمْ تُلْحَظْ فِيهِ جِهَةٌ مُنَاسِبَةٌ . وَقِيلَ : الْكَلِمَةُ هُنَا لَا يُرَادُ بِهَا
عِيسَى ، بَلِ الْكَلِمَةُ بِشَارَةُ الْمَلَائِكَةِ
لِمَرْيَمَ بِعِيسَى . وَقِيلَ : بِشَارَةُ النَّبِيِّ لَهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ) الضَّمِيرُ فِي اسْمِهِ ، عَائِدٌ عَلَى : الْكَلِمَةُ ، عَلَى مَعْنَى : نُبَشِّرُكِ بِمُكَوِّنٍ مِنْهُ ، أَوْ بِمَوْجُودٍ مِنَ اللَّهِ . وَسُمِّيَ الْمَسِيحَ ; لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ ، قَالَهُ
الْحَسَنُ ،
وَسَعِيدٌ ،
وَشَمِرٌ . أَوْ : بِالدُّهْنِ الَّذِي يُمْسَحُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ، خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِهِ ، وَهُوَ دُهْنٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ إِذَا مُسِحَ بِهِ شَخْصٌ عُلِمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ . أَوْ : بِالتَّطْهِيرِ مِنَ الذُّنُوبِ ، أَوْ : بِمَسْحِ
جِبْرِيلَ لَهُ بِجَنَاحِهِ ، أَوْ : لِمَسْحِ رِجْلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِمَا خَمْصٌ ، وَالْأَخْمَصُ مَا تَجَافَى عَنِ الْأَرْضِ مِنْ بَاطِنِ الرِّجْلِ ، وَكَانَ
عِيسَى أَمْسَحَ الْقَدَمِ لَا أَخْمُصَ لَهُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
[ ص: 460 ] بَاتَ يُقَاسِيهَا غُلَامٌ كَالزَّلَمْ خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ مَمْسُوحُ الْقَدَمْ
أَوْ : لِمَسْحِ الْجِمَالِ إِيَّاهُ ، وَهُوَ ظُهُورُهُ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
عَلَى وَجْهِ مَيٍّ مَسْحَةٌ مِنْ مَلَاحَةٍ
أَوْ : لِمَسْحَةٍ مِنَ الْأَقْذَارِ الَّتِي تَنَالُ الْمَوْلُودِينَ ; لِأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ لَا تَحِيضُ ، وَلَمْ تُدَنَّسْ بِدَمِ نِفَاسٍ . أَقْوَالٌ سَبْعَةٌ ، وَيَكُونُ : فَعِيلٌ ، فِيهَا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْمَسِيحِ لِلْغَلَبَةِ ؛ مِثْلُهَا فِي : الدَّبَرَانُ ، وَالْعَيُّوقُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ بِيَدِهِ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِيءَ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ : فَعِيلٌ مَبْنِيًّا لِلْمُبَالَغَةِ : كَعَلِيمٍ ، وَيَكُونُ مِنَ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي حُوِّلَتْ مِنْ فَاعِلٍ إِلَى فَعِيلٍ لِلْمُبَالَغَةِ . وَقِيلَ : مِنَ الْمِسَاحَةِ ، وَكَانَ يَجُولُ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُهَا . وَقِيلَ : هُوَ مُفْعِلٌ مِنْ سَاحَ يَسِيحُ مِنَ السِّيَاحَةِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَالنَّخَعِيُّ : الْمَسِيحُ : الصِّدِّيقُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : الْمَسِيحُ : الْمَلِكُ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مَلَكَ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : أَصْلُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحًا ، فَغُيِّرَ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اسْمًا مُرْتَجَلًا لَيْسَ هُوَ مُشْتَقًّا مِنَ الْمَسْحِ وَلَا مِنَ السِّيَاحَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) الْأَبْنَاءُ يُنْسَبُونَ إِلَى الْآبَاءِ ، وَنُسِبَ إِلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لَهَا إِعْلَامًا أَنَّهُ يُولَدُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ فَلَا يُنْسَبُ إِلَّا إِلَيْهَا .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْمَهُ الْمَسِيحُ ، فَيَكُونُ : اسْمُهُ الْمَسِيحُ : مُبْتَدَأً وَخَبَرًا . وَعِيسَى : جَوَّزُوا فِيهِ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ، بَعْدَ خَبَرٍ ، وَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا ، وَأَنْ يَكُونَ عَطْفَ بَيَانٍ . وَمَنَعَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ ، وَقَالَ : كَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَسْمَاهُ عَلَى الْمَعْنَى ، أَوْ أَسْمَاهَا عَلَى لَفْظِ الْكَلِمَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ :
عِيسَى ، خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : هُوَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَدْعُو إِلَى هَذَا كَوْنُ قَوْلِهِ :
ابْنُ مَرْيَمَ ، صِفَةٌ :
لِعِيسَى ، إِذْ قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى كَتْبِهِ دُونَ الْأَلِفِ . وَأَمَّا عَلَى الْبَدَلِ ، أَوْ عَطْفِ الْبَيَانِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ :
ابْنُ مَرْيَمَ ، صِفَةً :
لِعِيسَى ; لِأَنَّ الِاسْمَ هُنَا لَمْ يُرَدْ بِهِ الشَّخْصُ . هَذِهِ النَّزْعَةُ
لِأَبِي عَلِيٍّ ، وَفِي صَدْرِ الْكَلَامِ نَظَرٌ ، انْتَهَى كَلَامُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ قِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ) وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الِاسْمُ مِنْهَا :
عِيسَى ، وَأَمَّا : الْمَسِيحُ وَالِابْنُ : فَلَقَبٌ ، وَصِفَةٌ ؟ . قُلْتُ : الِاسْمُ لِلْمُسَمَّى عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا ، وَيَتَمَيَّزُ مِنْ غَيْرِهِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ ، وَيَتَمَيَّزُ مِمَّنْ سِوَاهُ ؛ مَجْمُوعُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ . وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ اسْمَهُ مَجْمُوعُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ أَخْبَارًا عَنْ قَوْلِهِ : اسْمُهُ ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ : هَذَا حُلْوٌ حَامِضٌ ، وَهَذَا : أَعْسَرُ يَسِرُ . فَلَا يَكُونُ أَحَدُهَا عَلَى هَذَا مُسْتَقِلًّا بِالْخَبَرِيَّةِ . وَنَظِيرُهُ فِي كَوْنِ الشَّيْئَيْنِ ، أَوِ الْأَشْيَاءِ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
كَيْفَ أَصْبَحْتَ كَيْفَ أَمْسَيْتَ مِمَّا يَزْرَعُ الْوُدَّ فِي فُؤَادِ الْكَرِيمِ ؟
أَيْ : مَجْمُوعُ هَذَا مِمَّا يَزْرَعُ الْوِدُّ ، فَلَمَّا جَازَ فِي الْمُبْتَدَأِ أَنْ يَتَعَدَّدَ دُونَ حَرْفِ عَطْفٍ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى عَلَى الْمَجْمُوعِ ، كَذَلِكَ يَجُوزُ فِي الْخَبَرِ . وَأَجَازَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ : ابْنُ مَرْيَمَ ، خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : هُوَ ابْنُ مَرْيَمَ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِمَّا قَبْلَهُ ، وَلَا صِفَةً لِأَنَّ :
ابْنُ مَرْيَمَ ، لَيْسَ بِاسْمٍ . أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَا تَقُولُ : اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ ابْنُ عَمْرٍو إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَمًا عَلَيْهِ ؟ انْتَهَى .
قَالَ بَعْضُهُمْ : وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْمَسِيحَ صِفَةٌ
لِعِيسَى ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ : اسْمُهُ
عِيسَى الْمَسِيحُ ، لِأَنَّ الصِّفَةَ تَابِعَةٌ لِمَوْصُوفِهَا انْتَهَى . وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَسِيحُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ صِفَةً ، لِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَالْمَسِيحَ مِنْ صِفَةِ الْمَدْلُولِ ، لَا مِنْ صِفَةِ الدَّالِ ; إِذْ لَفْظُ
عِيسَى لَيْسَ الْمَسِيحَ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُمَا اسْمَانِ تَقَدَّمَ الْمَسِيحُ عَلَى عِيسَى لِشُهْرَتِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ : وَإِنَّمَا بَدَأَ بِلَقَبِهِ لِأَنَّ : الْمَسِيحَ ، أَشْهَرُ مِنْ :
عِيسَى ، لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يَقَعَ عَلَى سَمِيٍّ يُشْتَبَهُ ،
وَعِيسَى قَدْ يَقَعُ عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ ، فَقَدَّمَهُ لِشُهْرَتِهِ . أَلَا تَرَى أَنَّ أَلْقَابَ الْخُلَفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ ؟ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسِيحَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ لَقَبٌ لَا اسْمٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَعِيسَى مُعَرَّبٌ مِنَ : ايْسُوعَ ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ عَرَبِيًّا لَمْ يَنْصَرِفْ فِي مَعْرِفَةٍ ، وَلَا
[ ص: 461 ] نَكِرَةٍ ; لِأَنَّ فِيهِ أَلِفَ تَأْنِيثٍ ، وَيَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ : عَاسَهُ يَعُوسُهُ ، إِذَا سَاسَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مُشْتَقٌّ مِنَ الْعِيسِ ، كَالرَّقْمِ فِي الْمَاءِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28974وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) قَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ : الْوَجِيهُ ذُو الْجَاهِ ، يُقَالُ : وَجُهَ الرَّجُلُ يُوجَهُ وَجَاهَةً . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابْنُ دُرَيْدٍ : الْوَجِيهُ الْمُحَبُّ الْمَقْبُولُ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : الشَّرِيفُ ذُو الْقَدْرِ وَالْجَاهِ . وَقِيلَ : الْكَرِيمُ عَلَى مَنْ يَسْأَلُهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ لِكَرَمِ وَجْهِهِ ، وَمَعْنَاهُ فِي حَقِّ
عِيسَى أَنَّ وَجَاهَتَهُ فِي الدُّنْيَا بِنُبُوَّتِهِ ، وَفِي الْآخِرَةِ بِعُلُوِّ دَرَجَتِهِ . وَقِيلَ : فِي الدُّنْيَا بِالطَّاعَةِ ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالشَّفَاعَةِ . وَقِيلَ : فِي الدُّنْيَا بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَإِبْرَاءِ الْأَكَمَةِ وَالْأَبْرَصِ ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالشَّفَاعَةِ . وَقِيلَ : فِي الدُّنْيَا كَرِيمًا لَا يُرَدُّ وَجْهُهُ ، وَفِي الْآخِرَةِ فِي عِلْيَةِ الْمُرْسَلِينَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْوَجَاهَةُ فِي الدُّنْيَا النُّبُوَّةُ وَالتَّقَدُّمُ عَلَى النَّاسِ ، وَفِي الْآخِرَةِ الشَّفَاعَةُ وَعُلُوُّ الدَّرَجَةِ فِي الْجَنَّةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَجَاهَةُ عِيسَى فِي الدُّنْيَا نُبُوَّتُهُ وَذَكَرُهُ وَرَفَعَهُ ، وَفِي الْآخِرَةِ مَكَانَتُهُ وَنُعْمِيهُ وَشَفَاعَتُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) مَعْنَاهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَكَوْنُهُ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَصَحِبَتْهُ الْمَلَائِكَةُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَقِيلَ : مِنَ النَّاسِ بِالْقَبُولِ وَالْإِجَابَةِ ، قَالَهُ
الْمَاوَرْدِيُّ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : الْمُبَالَغُ فِي تَقْرِيبِهِمْ ; لِأَنَّ " فَعُلَ " مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ ، فَقَالَ : قَرَّبَهُ يُقَرِّبُهُ إِذَا بَالَغَ فِي تَقْرِيبِهِ انْتَهَى . وَلَيْسَ " فَعُلَ " هُنَا مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ ; لِأَنَّ التَّضْعِيفَ هُنَا لِلتَّعْدِيَةِ ، إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي نَحْوِ : جَرَّحْتُ زَيْدًا ، وَمَوَّتَ النَّاسَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : وَجِيهًا ، وَتَقْدِيرُهُ : وَمُقَرَّبًا مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَرَّبِينَ . أَعْلَمَ تَعَالَى أَنَّ ثَمَّ مُقَرَّبِينَ ، وَأَنَّ
عِيسَى مِنْهُمْ . وَنَظِيرُ هَذَا الْعَطْفِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ ) فَقَوْلُهُ : وَبِاللَّيْلِ ، جَارٌّ وَمَجْرُورٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى : مُصْبِحِينَ ، وَجَاءَتْ هَذِهِ الْحَالُ هَكَذَا ; لِأَنَّهَا مِنَ الْفَوَاصِلِ ، فَلَوْ جَاءَ : وَمُقَرَّبًا ، لَمْ تَكُنْ فَاصِلَةً ، وَأَيْضًا فَأَعْلَمَ تَعَالَى أَنَّ
عِيسَى مُقَرَّبٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَالتَّقْرِيبُ صِفَةٌ جَلِيلَةٌ عَظِيمَةٌ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ) ؟ وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=88فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ ) وَهُوَ تَقْرِيبٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَكَانَةِ ، وَالشَّرَفِ وَعُلُوِّ الْمَنْزِلَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ) وَعَطَفَ : وَيُكَلِّمُ ، وَهُوَ حَالٌ أَيْضًا عَلَى : وَجِيهًا ، وَنَظِيرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ) أَيْ : وَقَابِضَاتٍ . وَكَذَلِكَ : وَيُكَلِّمُ ، أَيْ : وَمُكَلِّمًا . وَأَتَى فِي الْحَالِ الْأُولَى بِالِاسْمِ ; لِأَنَّ الِاسْمَ هُوَ لِلثُّبُوتِ ، وَجَاءَتِ الْحَالُ الثَّانِيَةُ جَارًّا وَمَجْرُورًا لِأَنَّهُ يُقَيَّدُ بِالِاسْمِ . وَجَاءَتِ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ جُمْلَةً ; لِأَنَّهَا فِي الرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ . أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَالَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى ؟ فَكَمَا أَنَّ الْأَحْسَنَ وَالْأَكْثَرَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ ، أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ أَوْصَافٌ مُتَغَايِرَةٌ بُدِئَ بِالِاسْمِ ، ثُمَّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ ، ثُمَّ بِالْجُمْلَةِ . كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=28وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ) فَكَذَلِكَ الْحَالُ ، بُدِئَ بِالِاسْمِ ، ثُمَّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ ، ثُمَّ بِالْجُمْلَةِ ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُضَارِعِيَّةً لِأَنَّ الْفِعْلَ يُشْعِرُ بِالتَّجَدُّدِ ، كَمَا أَنَّ الِاسْمَ يُشْعِرُ بِالثُّبُوتِ ، وَيَتَعَلَّقُ : فِي الْمَهْدِ ، بِمَحْذُوفٍ إِذْ هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، التَّقْدِيرُ : كَائِنًا فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ، مَعْطُوفٌ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : طِفْلًا وَكَهْلًا ، فَعُطِفَ صَرِيحُ الْحَالِ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ الْحَالِ . وَنَظِيرُهُ عَكْسًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ ) وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ : وَكَهْلًا ، مَعْطُوفٌ عَلَى : وَجِيهًا ، فَقَدْ أَبْعَدَ .
وَالْمَهْدُ : مَقَرُّ الصَّبِيِّ فِي رِضَاعِهِ ، وَأَصْلُهُ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ ، يُقَالُ : مَهَّدْتُ لِنَفْسِي بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِهَا ، أَيْ : وَطَّأْتُ ، وَيُقَالُ : أَمْهَدَ الشَّيْءُ : ارْتَفَعَ . وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْكَهْلِ لُغَةً . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْكَهْلُ الْحَلِيمُ ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ غَالِبًا ، لِأَنَّ الْكَهْلَ يَقْوَى عَقْلُهُ وَإِدْرَاكُهُ وَتَجْرِبَتُهُ ، فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ كَالشَّارِخِ ، وَالْعَرَبُ تَتَمَدَّحُ بِالْكُهُولَةِ ، قَالَ :
وَمَا ضَرَّ مَنْ كَانَتْ بَقَايَاهُ مِثْلَنَا شَبَابٌ تَسَامَى لِلْعُلَى وَكُهُولُ
وَلِذَلِكَ خُصَّ هَذَا السِّنُّ فِي الْآيَةِ دُونَ سَائِرِ الْعُمْرِ ; لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الْوُسْطَى فِي اسْتِحْكَامِ الْعَقْلِ وَجَوْدَةِ الرَّأْيِ ، وَفِي قَوْلِهِ : وَكَهْلًا ، تَبْشِيرٌ بِأَنَّهُ يَعِيشُ إِلَى سِنِّ الْكُهُولَةِ ، قَالَهُ
الرَّبِيعُ ، وَيُقَالُ : إِنَّ
مَرْيَمَ وَلَدَتْهُ لِثَمَانِيَةِ
[ ص: 462 ] أَشْهُرٍ ، وَمَنْ وُلِدَ لِذَلِكَ لَمْ يَعِشْ ، فَكَانَ ذَلِكَ بِشَارَةً لَهَا بِعَيْشِهِ إِلَى هَذَا السِّنِّ . وَقِيلَ : كَانَتِ الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ مَاتَ ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ) إِشَارَةٌ إِلَى تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ عَلَيْهِ ، وَرَدٌّ عَلَى
النَّصَارَى فِي دَعْوَاهُمْ إِلَهِيَّتِهِ . وَقَالَ
ابْنُ كَيْسَانَ : ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ إِعْلَامًا بِهِ أَنَّهُ يَكْتَهِلُ ، فَإِذَا أُخْبِرَتْ بِهِ
مَرْيَمُ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ . وَاخْتُلِفَ فِي كَلَامِهِ : فِي الْمَهْدِ ، أَكَانَ سَاعَةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى بَلَغَ مَبْلَغَ النُّطْقِ ؟ أَوْ كَانَ يَتَكَلَّمُ دَائِمًا فِي الْمَهْدِ حَتَّى بَلَغَ إِبَّانَ الْكَلَامِ ؟ قَوْلَانِ : الْأَوَّلُ : عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَنَقَلَ
الثَّعَالِبِيُّ أَشْيَاءَ مِنْ كَلَامِهِ لِأُمِّهِ ، وَهُوَ مُرْضَعٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ حِينَ كَلَّمَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ نَبِيًّا لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) وَلِظُهُورِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ مِنْهُ وَالتَّحَدِّي بِهَا . وَقِيلَ : لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَإِنَّمَا كَانَ الْكَلَامُ تَأْسِيسًا لِنُبُوَّتِهِ ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) إِخْبَارًا عَمَّا يَئُولُ إِلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِوَقْتِ كَلَامِهِ إِذَا كَانَ كَهْلًا ، فَقِيلَ : كَلَامُهُ قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ كَلَّمَهُمْ بِالْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ .
وَقِيلَ : يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كَهْلًا ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، فَيَقُولُ لَهُمْ : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ، كَمَا قَالَ فِي الْمَهْدِ ، وَهَذِهِ فَائِدَةُ قَوْلِهِ : وَكَهْلًا ، أَخْبَرَ أَنَّهُ يَنْزِلُ عِنْدَ قَتْلِهِ الدَّجَّالَ كَهْلًا ، قَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَعْنَاهُ : وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ بَيْنَ حَالِ الطُّفُولَةِ ، وَحَالِ الْكُهُولَةِ الَّتِي يَسْتَحْكِمُ فِيهَا الْعَقْلُ ، وَيُنَبَّأُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ انْتَهَى .
قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31984وَتَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ سَبْعَةٌ : عِيسَى ، وَ
يَحْيَى ، و
شَاهِدُ يُوسُفَ ، وَ
صَاحِبُ جُرَيْجٍ . وَصَبِيُّ مَاشِطَةِ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ ، وَصَاحِبُ الْجَبَّارِ ، وَصَاحِبُ الْأُخْدُودِ ، وَقَصَصُ هَؤُلَاءِ مَرْوِيَّةٌ ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا جَاءَ مِنْ حَصْرِ مَنْ تَكَلَّمَ رَضِيعًا فِي ثَلَاثَةٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ إِخْبَارًا قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَ بِالْبَاقِينَ ، فَأَخْبَرَ عَلَى سَبِيلِ مَا أَعْلَمَ بِهِ أَوَّلًا ، ثُمَّ أَعْلَمُ بِالْبَاقِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46وَمِنَ الصَّالِحِينَ ) أَيْ : وَصَالِحًا مِنْ جُمْلَةِ الصَّالِحِينَ ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الصَّلَاحِ الْمَوْصُوفِ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ . وَانْتِصَابُ : وَجِيهًا ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ : بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ، وَحَسُنَ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً ، كَوْنُهُ وُصِفَ بِقَوْلِهِ : مِنْهُ ، وَبِقَوْلِهِ : مِنْهُ ، وَبِقَوْلِهِ : اسْمُهُ
الْمَسِيحُ .