[ ص: 104 ] قواعد في العدد
القاعدة الأولى .
في له استعمالان : اسم الفاعل المشتق من العدد
أحدهما : أن يراد به واحد من ذلك العدد ، فهذا يضاف للعدد الموافق له ، نحو رابع أربعة ، وخامس خمسة ، وليس فيه إلا الإضافة خلافا لثعلب فإنه أجاز : ثالث ثلاثة بالتنوين ، قال تعالى : ( ثاني اثنين ) ( التوبة : 40 ) وهذا القسم لا يجوز إطلاقه في حق الله تعالى ، ولهذا قال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) ( المائدة : 73 ) .
الثاني : أن يكون بمعنى التصيير ، وهذا يضاف إلى العدد المخالف له في اللفظ ، بشرط أن يكون أنقص منه بواحد ، كقولك : ثالث اثنين ، ورابع ثلاثة ، وخامس أربعة ، كقوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ) ( المجادلة : 7 ) أي يصيرهم بعلمه وإحاطته أربعة وخمسة .
فإن قيل : كيف بدأ بالثلاث ، وهلا جاء : ما يكون من نجوى واحد إلا هو ثانيه ، ولا اثنين إلا هو ثالثهم ؟ قيل : لأنه سبحانه لما علم أن بعض عباده كفر بهذا اللفظ ، وادعى أنه ثالث ثلاثة ، فلو قال : ما يكون من نجوى واحد إلا هو ثانيه ، لثارت ضلالة من كفر بالله وجعله ثانيا ، وقال : وهذا قول الله هكذا . ولو قال : ولا اثنين إلا هو ثالثهم ، لتمسك به الكفار ، فعدل سبحانه عن هذا لأجل ذلك ثم قال : ( ولا أدنى من ذلك ولا أكثر ) ( المجادلة : 7 ) فذكر هذين المعنيين بالتلويح لا بالتصريح ، فدخل تحته مالا يتناهى ، وهذا من بعض إعجاز القرآن .