إما المكسورة المشددة
تكون تخييرا ، نحو : اشتر لي إما لحما وإما لبنا . وكقوله تعالى : إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا ( الكهف : 86 ) . إما أن تلقي وإما أن نكون ( طه : 65 ) . فإما منا بعد وإما فداء ( محمد : 4 ) وانتصب " منا " و " فداء " على المصدر ، أي من " مننتم " و " فاديتم " .
وقال صاحب الأزهية : حكمها في هذا القسم التكرير ، ولا تكرير إذا كان في الكلام عوض من تكريرها ، تقول : إما تقول الحق وإلا فاسكت ، وإلا بمعنى إما . وبمعنى الإبهام نحو : إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ( التوبة : 106 ) . إما العذاب وإما الساعة ( مريم : 75 ) . إما شاكرا وإما كفورا ( الإنسان : 3 ) .
[ ص: 217 ] وتكون بمعنى الشرطية ، مركبة من " إن " الشرطية و " ما " الزائدة ، وهذه لا تكرر .
والأكثر في جوابها نون التوكيد نحو : فإما ترين من البشر أحدا ( مريم : 26 ) . قل رب إما تريني ما يوعدون ( المؤمنون : 93 ) . فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم ( الأنفال : 57 ) وإما تخافن من قوم خيانة ( الأنفال : 58 ) . وإنما دخلت معها نون التوكيد للفرق بينهما وبين التي للتخيير .
واختلف في قوله تعالى : إما شاكرا وإما كفورا ( الإنسان : 3 ) فقال البصريون : للتخيير ، فانتصاب " شاكرا " و " كفورا " إدعاء على الحال . وقيل : التخيير هنا راجع إلى إخبار الله بأنه يفعل ما يشاء . وقيل : حال مقيدة أي إما أن تجد عندهما الشكر ، فهو علامة السعادة ، أو الكفر فهو علامة الشقاوة فعلى هذا تكون للتفصيل .
وأجاز الكوفيون أن تكون هاهنا شرطية أي إن شكر وإن كفر . قال : وهذا ممنوع مكي إلا أن تضمر بعد إن فعلا ، كقوله تعالى : لأن الشرطية لا تدخل على الأسماء وإن أحد من المشركين استجارك ( التوبة : 6 ) ولا يجب إضماره هنا لأنه يلزم رفع شاكر بذلك الفعل .
ورد عليه بأن النحويين يضمرون بعد إن الشرطية فعلا يفسره ما بعده من لفظه ، فيرتفع الاسم بعد أن يكون فاعلا لذلك المضمر ، كقوله تعالى : [ ص: 218 ] ابن الشجري ، إن امرؤ هلك ( النساء : 176 ) وإن امرأة خافت ( النساء : 128 ) كذلك يضمرون بعده أفعالا تنصب الاسم بأنه مفعول به ، كقولك : إن زيدا أكرمته نفعك ، أي إن أكرمت .