40 -
للترجي في المحبوب ، والإشفاق في المكروه ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : عسى وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ( البقرة : 216 ) .
قال ابن فارس : كقوله تعالى : وتأتي للقرب والدنو قل عسى أن يكون ردف لكم ( النمل : 72 ) قال : وقال : كل ما في القرآن من عسى على وجه الخبر [ ص: 252 ] فهو موحد ، نحو : الكسائي عسى أن يكونوا خيرا منهم ( الحجرات : 11 ) وعسى أن تكرهوا شيئا ( البقرة : 216 ) ووحد على " عسى الأمر أن يكون كذا " . وما كان على الاستفهام فهو يجمع كقوله تعالى : فهل عسيتم إن توليتم ( محمد : 22 ) . قال أبو عبيدة : معناه هل عدوتم ذلك ؟ هل جزتموه ؟
وروى البيهقي في سننه عن قال : كل " عسى " في القرآن فهي واجبة وقال ابن عباس ، : رضي الله عنه : يقال : عسى من الله واجبة . الشافعي
وحكى عن بعض المفسرين أن " عسى " في جميع القرآن واجبة ، إلا في موضعين في سورة بني إسرائيل . ابن الأنباري عسى ربكم أن يرحمكم ( الإسراء : 8 ) يعني بني النضير ، فما رحمهم الله بل قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوقع عليهم العقوبة .
وفي سورة التحريم : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ( التحريم : 5 ) ولازمنه حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعمم بعضهم القاعدة ، وأبطل الاستثناء ، لأن تقديره أن يكون على شرط ، أي في وقت من الأوقات ، فلما زال الشرط وانقضى الوقت ، وجب عليكم العذاب ، فعلى هذا لم تخرج عن بابها الذي هو الإيجاب .
وكذلك قوله : عسى ربه إن طلقكن ( التحريم : 5 ) تقديره : واجب أن يبدله أزواجا خيرا منكن ، أي لبت طلاقكن ، ولم يبت طلاقهن ، فلا يجب التبديل .
وقال صاحب الكشاف في سورة التحريم : عسى ربكم ( التحريم : 8 ) : [ ص: 253 ] إطماع من الله تعالى لعباده ، وفيه وجهان : أحدهما أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة بـ " لعل " وعسى ، ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت . والثاني أن تجيء تعليما للعباد وجوب الترجيح بين الخوف والرجاء .