43 - الفاء
ترد عاطفة ، وللسببية ، وجزاء ، وزائدة .
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=28905العاطفة ، ومعناها التعقيب ، نحو قام زيد فعمرو ، أي أن قيامه بعده بلا مهلة ، والتعقيب في كل شيء بحسبه ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ( البقرة : 36 ) .
وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا ( الأعراف : 4 ) والبأس في الوجود قبل الهلاك ، وبها احتج
الفراء على أن ما بعد الفاء قد يكون سابقا ، ففيه عشرة أوجه :
[ ص: 256 ] أحدها : أنه حذف السبب وأبقى المسبب ، أي أردنا إهلاكها .
الثاني : أن الهلاك على نوعين : استئصال ، والمعنى : وكم قرية أهلكناها بغير استئصال للجميع ، فجاءها بأسنا باستئصال الجميع .
الثالث : أنه لما كان مجيء البأس مجهولا للناس ، والهلاك معلوما لهم ، وذكره عقب الهلاك ، وإن كان سابقا ؛ لأنه لا يتضح إلا بالهلاك .
الرابع : أن المعنى قاربنا إهلاكها ، فجاءها بأسنا فأهلكناها .
الخامس : أنه على التقديم والتأخير ، أي جاءها بأسنا فأهلكناها .
السادس : أن الهلاك ومجيء البأس لما تقاربا في المعنى ، جاز تقديم أحدهما على الآخر .
السابع : أن معنى " فجاءها " أنه لما شوهد الهلاك علم مجيء البأس ، وحكم به من باب الاستدلال بوجود الأثر على المؤثر .
الثامن : أنها عاطفة للمفصل على المجمل ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=35إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا ( الواقعة : 35 إلى 37 ) .
التاسع : أنها للترتيب الذكري .
العاشر : . . . . . .
وتجيء للمهلة كـ " ثم " ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ( المؤمنون : 14 ) ولا شك أن بينها وسائط .
وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى ( الأعلى : 4 - 5 ) فإن بين الإخراج والغثاء وسائط .
[ ص: 257 ] وجعل منه
ابن مالك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=63ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ( الحج : 63 ) وتؤولت على أن " تصبح " معطوف على محذوف تقديره : " أتينا به فطال النبت فتصبح " .
وقيل : بل هي للتعقيب ، والتعقيب على ما بعد في العادة تعقيبا لا على سبيل المضايفة ، فرب سنين بعد الثاني عقب الأول في العادة ، وإن كان بينهما أزمان كثيرة ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب .
وقيل : بل للتعقيب الحقيقي على بابها ، وذلك لأن أسباب الاخضرار عند زمانها ، فإذا تكاملت أصبحت مخضرة بغير مهلة ، والمضارع بمعنى الماضي يصح عطفه على الماضي ، وإنما لم ينصب على جواب الاستفهام لوجهين :
أحدهما : أنه بمعنى التقرير ، أي قد رأيت فلا يكون له جواب ؛ لأنه خبر .
والثاني : أنه إنما ينصب ما بعد الفاء ، إذا كان الأول سببا له ، ورؤيته لإنزال الماء ليست سببا لاخضرار الأرض ، إنما السبب هو إنزال الماء ولذلك عطف عليه .
وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فإذا قرأت القرآن فاستعذ ( النحل : 98 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ( المائدة : 6 ) فالتقدير : فإذا أردت فاكتفي بالسبب عن المسبب . ونظيره :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=160أن اضرب بعصاك الحجر ( الأعراف : 160 ) أي فضرب فانفجرت .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ( المؤمنون : 14 ) فقيل : الفاء في
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فخلقنا العلقة وفي فكسونا بمعنى " ثم " لتراخي معطوفها .
وقال صاحب " البسيط " : طول المدة وقصرها بالنسبة إلى وقوع الفعل فيهما ، فإن كان الفعل يقتضي زمنا طويلا طالت المهلة ، وإن كان في التحقيق وجود الثاني
[ ص: 258 ] عقيب الأول بلا مهلة ، وإن كان الفعل يقتضي زمنا قصيرا ظهر التعقيب بين الفعلين ، فالآية واردة على التقدير الأول لأن بين النطفة وبين العلقة ، وبين زمن العلقة وزمن المضغة طولا كما ورد في الخبر ، وعند انقضاء زمن الأول يشرع في الثاني بلا مهلة ، فلا ينافي معنى الفاء .
والحاصل أن المهلة بين الثاني والأول بالنسبة إلى زمن الفعل ، وأما بالنسبة إلى الفعل فوجود الثاني عقب الأول من غير مهلة بينهما ، هذا كله في سورة المؤمنين .
وقال في سورة الحج :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ( الآية : 5 ) فعطف الكل بـ " ثم " ، ولهذا قال بعضهم : " ثم " لملاحظة أول زمن المعطوف عليه ، والفاء لملاحظة آخره ، وبهذا يزول سؤال أن المخبر عنه واحد وهو مع أحدهما بالفاء وهي للتعقيب ، وفي الأخرى بثم وهي للمهلة وهما متناقضان .
وقد أورد
الشيخ عز الدين هذا السؤال في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون ( الزمر : 7 ) وفي أخرى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=60ثم ينبئكم ( الأنعام : 60 ) .
وأجاب بأن أول ما تحاسب أمة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم الأمم بعدهم ، فتحمل الفاء على أول المحاسبين ، ويكون من باب نسبة الفعل إلى الجماعة إذا صدر عن بعضهم ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=181وقتلهم الأنبياء بغير حق ( آل عمران : 181 ) ويحمل " ثم " على تمام الحساب .
فإن قيل : حساب الأولين متراخ عن البعث فكيف يحسن الفاء ؟ فيعود السؤال .
[ ص: 259 ] قلنا نص
الفارسي في الإيضاح على أن " ثم " أشد تراخيا من الفاء ، فدل على أن الفاء لها تراخ ، وكذا ذكر غيره من المتقدمين ، ولم يدع أنها للتعقيب إلا المتأخرون انتهى .
وتجيء لتفاوت ما بين رتبتين كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا ( الصافات : 1 إلى 3 ) تحتمل الفاء فيه تفاوت رتبة الصف من الزجر ، ورتبة الزجر من التلاوة ، ويحتمل تفاوت رتبة الجنس الصاف من رتبة الجنس الزاجر ، بالنسبة إلى صفهم وزجرهم ، ورتبة الجنس الزاجر من الجنس التالي بالنسبة إلى زجره وتلاوته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : للفاء مع الصفات ثلاثة أحوال :
أحدها : أنها تدل على ترتيب معانيها في الوجود كقوله :
يالهف زيابة للحارث فال 206 صابح فالغانم فالآيب
أي الذي أصبح فغنم فآب .
الثاني : أن تدل على ترتيبها في التفاوت من بعض الوجوه ، نحو قولك : خذ الأكمل فالأفضل ، واعمل الأحسن فالأجمل .
الثالث : أنها تدل على ترتيب موصوفاتها ، فإنها في ذلك ، نحو :
رحم الله المحلقين فالمقصرين .
النوع الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=28905لمجرد السببية والربط ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إنا أعطيناك الكوثر فصل ( الكوثر : 1 - 2 ) ولا يجوز أن تكون عاطفة ، فإنه لا يعطف الخبر على الإنشاء ، وعكسه عكسها بمجرد العطف فيما سبق ، من نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5فجعله غثاء أحوى ( الأعلى : 5 ) .
[ ص: 260 ] وقد تأتي لهما ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=15فوكزه موسى فقضى عليه ( القصص : 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=37فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ( البقرة : 37 )
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم ( الواقعة : 52 إلى 55 ) .
وقد تجيء في ذلك لمجرد الترتيب كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=26فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم ( الذاريات : 26 - 27 ) .
وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ( الأعراف : 175 ) فهذه ثلاث فاءات ، وهذا هو الغالب على الفاء المتوسطة بين الجمل المتعاطفة .
وقال بعضهم : إذا ترتب الجواب بالفاء ، فتارة يتسبب عن الأول ، وتارة يقام مقام ما تسبب عن الأول .
مثال الجاري على طريق السببية :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا تنسى ( الأعلى : 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين ( الصافات : 148 )
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=64فكذبوه فأنجيناه ( الأعراف : 64 ) .
ومثال الثاني :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60ما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ( الإسراء : 60 )
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم ( الأحقاف : 26 ) .
والنوع الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=28905الجزائية ، والفاء تلزم في جواب الشرط إذا لم يكن فعلا خبريا ، أعني ماضيا ومضارعا ، فإن كان فعلا خبريا امتنع دخول الفاء ، فيحتاج إلى بيان ثلاثة أمور : العلة ، وتعاقب الفعل الخبري ، والفاء .
والجواب عن اجتماعهما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26إن كان قميصه قد من قبل فصدقت nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت ( يوسف : 26 - 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=90ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار ( النمل : 90 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ( الجن : 13 ) وقراءة
حمزة : " إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى " ( البقرة : 282 ) .
[ ص: 261 ] وعن ارتفاعهما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=36وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ( الروم : 36 ) وفي قول الشاعر :
من يفعل الحسنات الله يشكرها
والجواب عن الأول ، وهو السؤال عن علة تعاقب الفعل والفاء ، أن الجواب هو جملة تامة ، يجوز استقلالها فلا بد من شيء يدل على ارتباطها بالشرط ، وكونها جوابا له ، فإذا كانت الجملة فعلية صالحة لأن تكون جزاء ، اكتفي بدلالة الحال على كونها جوابا ، لأن الشرط يقتضي جوابا ، وهذه الجملة تصلح جوابا ولم يؤت بغيرها ، فلزم كونها جوابا ، وإذا تعقبت الجواب امتنع دخول الفاء للاستغناء عنها ، فإن كانت الجملة غير فعلية لم تكن صالحة للجواب بنفسها ، لأن الشرط إنما يقتضي فعلين : شرطا وجزاء ، فما ليس فعلا ليس من مقتضيات أداة الشرط ، حتى يدل اقتضاؤها على أنه الجزاء ، فلا بد من رابطة فجعلوا الفاء رابطة ، لأنها للتعقيب ، فيدل تعقيبها الشرط بتلك الجملة على أنها الجزاء ، فهذا هو السبب في تعاقب الفعل والفاء في باب الجزاء .
والجواب عن الثاني : هو أن اجتماع الفعل والفاء في الآيتين غير مبطل للمدعي بتعاقبهما وهو أن المدعي تعاقبهما إذا كان الفعل صالحا لأن يجازى به ، وهو إذا ما كان صالحا للاستقبال لأن الجزاء لا يكون إلا مستقبلا .
وقوله : صدقت و كذبت المراد بالفعل في الآية المضي ، فلم يصح أن يكون جوابا فوجبت الفاء .
فإن قيل : فلم سقطت الفاء في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وإذا ما غضبوا هم يغفرون ( الشورى : 37 ) قلنا عنه ثلاثة أجوبة :
[ ص: 262 ] أحدها : أن إذا في الآية ليست شرطا بل لمجرد الزمان ، والتقدير : والذين هم ينتصرون زمان إصابة البغي لهم .
والثاني : أن " هم " زائدة للتوكيد .
والثالث : أن الفاء حسن حذفها كون الفعل ماضيا .
وبالأول يجاب عن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=25وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ( الجاثية : 25 ) والجواب عن الثالث أن الفعل والفاء أيضا من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=36وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ( الروم : 36 ) فهو أن " إذا " قامت مقام الفاء ، وسدت مسدها لحصول الربط بها ، كما يحصل بالفاء ، وذلك لأن إذا للمفاجأة ، وفي المفاجأة معنى التعقيب .
وأما الأخفش فإنه جوز حذف الفاء حيث يوجب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه دخولها ، واحتج بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ( الأنعام : 121 ) .
وبقراءة من قرأ : وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم ( الشورى : 30 ) في قراءة
نافع وابن عامر .
ولا حجة فيه ، لأن الأول يجوز أن يكون جواب قسم ، والتقدير : والله إن أطعمتموهم فتكون
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121إنكم لمشركون جوابا للقسم ، والجزاء محذوف سد جواب القسم مسده .
وأما الثانية ، فلأن ( ما ) فيه موصولة لا شرطية ، فلم يجز دخول الفاء في خبرها .
والرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=28905الزائدة كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=57فليذوقوه حميم ( ص : 57 ) والخبر حميم وما بينهما معترض .
وجعل منه
الأخفش :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=2فذلك الذي يدع اليتيم ( الماعون : 2 ) .
[ ص: 263 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : هي جواب لشرط مقدر ، أي إن أردت عليه فذلك . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فصل لربك وانحر ( الكوثر : 2 ) على قول .
43 - الْفَاءُ
تَرِدُ عَاطِفَةً ، وَلِلسَّبَبِيَّةِ ، وَجَزَاءً ، وَزَائِدَةً .
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28905الْعَاطِفَةُ ، وَمَعْنَاهَا التَّعْقِيبُ ، نَحْوَ قَامَ زَيْدٌ فَعَمْرٌو ، أَيْ أَنَّ قِيَامَهُ بَعْدَهُ بِلَا مُهْلَةٍ ، وَالتَّعْقِيبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ( الْبَقَرَةِ : 36 ) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا ( الْأَعْرَافِ : 4 ) وَالْبَأْسُ فِي الْوُجُودِ قَبْلَ الْهَلَاكِ ، وَبِهَا احْتَجَّ
الْفَرَّاءُ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ قَدْ يَكُونُ سَابِقًا ، فَفِيهِ عَشْرَةُ أَوْجُهٍ :
[ ص: 256 ] أَحَدُهَا : أَنَّهُ حَذَفَ السَّبَبَ وَأَبْقَى الْمُسَبِّبَ ، أَيْ أَرَدْنَا إِهْلَاكَهَا .
الثَّانِي : أَنَّ الْهَلَاكَ عَلَى نَوْعَيْنِ : اسْتِئْصَالٍ ، وَالْمَعْنَى : وَكَمْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا بِغَيْرِ اسْتِئْصَالٍ لِلْجَمِيعِ ، فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بِاسْتِئْصَالِ الْجَمِيعِ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَجِيءُ الْبَأْسِ مَجْهُولًا لِلنَّاسِ ، وَالْهَلَاكُ مَعْلُومًا لَهُمْ ، وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْهَلَاكِ ، وَإِنْ كَانَ سَابِقًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَّضِحُ إِلَّا بِالْهَلَاكِ .
الرَّابِعُ : أَنَّ الْمَعْنَى قَارَبْنَا إِهْلَاكَهَا ، فَجَاءَهَا بَأْسُنَا فَأَهْلَكْنَاهَا .
الْخَامِسُ : أَنَّهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، أَيْ جَاءَهَا بَأْسُنَا فَأَهْلَكْنَاهَا .
السَّادِسُ : أَنَّ الْهَلَاكَ وَمَجِيءَ الْبَأْسِ لَمَّا تَقَارَبَا فِي الْمَعْنَى ، جَازَ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ .
السَّابِعُ : أَنَّ مَعْنَى " فَجَاءَهَا " أَنَّهُ لَمَّا شُوهِدَ الْهَلَاكُ عُلِمَ مَجِيءُ الْبَأْسِ ، وَحُكِمَ بِهِ مِنْ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ بِوُجُودِ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ .
الثَّامِنُ : أَنَّهَا عَاطِفَةٌ لِلْمُفَصَّلِ عَلَى الْمُجْمَلِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=35إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا ( الْوَاقِعَةِ : 35 إِلَى 37 ) .
التَّاسِعُ : أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ .
الْعَاشِرُ : . . . . . .
وَتَجِيءُ لِلْمُهْلَةِ كَـ " ثُمَّ " ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ( الْمُؤْمِنُونَ : 14 ) وَلَا شَكَّ أَنَّ بَيْنَهَا وَسَائِطَ .
وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ( الْأَعْلَى : 4 - 5 ) فَإِنَّ بَيْنَ الْإِخْرَاجِ وَالْغُثَاءِ وَسَائِطَ .
[ ص: 257 ] وَجَعَلَ مِنْهُ
ابْنُ مَالِكٍ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=63أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ( الْحَجِّ : 63 ) وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ " تُصْبِحُ " مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : " أَتَيْنَا بِهِ فَطَالَ النَّبْتُ فَتُصْبِحُ " .
وَقِيلَ : بَلْ هِيَ لِلتَّعْقِيبِ ، وَالتَّعْقِيبُ عَلَى مَا بَعُدَ فِي الْعَادَةِ تَعْقِيبًا لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُضَايَفَةِ ، فَرُبَّ سِنِينَ بَعْدَ الثَّانِي عَقِبَ الْأَوَّلِ فِي الْعَادَةِ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَزْمَانٌ كَثِيرَةٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ .
وَقِيلَ : بَلْ لِلتَّعْقِيبِ الْحَقِيقِيِّ عَلَى بَابِهَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِاخْضِرَارِ عِنْدَ زَمَانِهَا ، فَإِذَا تَكَامَلَتْ أَصْبَحَتْ مُخْضَرَّةً بِغَيْرِ مُهْلَةٍ ، وَالْمُضَارِعُ بِمَعْنَى الْمَاضِي يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمَاضِي ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْصَبْ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ لِوَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ ، أَيْ قَدْ رَأَيْتُ فَلَا يَكُونُ لَهُ جَوَابٌ ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ إِنَّمَا يُنْصَبُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ ، إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ سَبَبًا لَهُ ، وَرُؤْيَتُهُ لِإِنْزَالِ الْمَاءِ لَيْسَتْ سَبَبًا لِاخْضِرَارِ الْأَرْضِ ، إِنَّمَا السَّبَبُ هُوَ إِنْزَالُ الْمَاءِ وَلِذَلِكَ عُطِفَ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ ( النَّحْلِ : 98 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا ( الْمَائِدَةِ : 6 ) فَالتَّقْدِيرُ : فَإِذَا أَرَدْتَ فَاكْتَفِي بِالسَّبَبِ عَنِ الْمُسَبِّبِ . وَنَظِيرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=160أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ( الْأَعْرَافِ : 160 ) أَيْ فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ( الْمُؤْمِنُونَ : 14 ) فَقِيلَ : الْفَاءُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ وَفِي فَكَسَوْنَا بِمَعْنَى " ثُمَّ " لِتَرَاخِي مَعْطُوفِهَا .
وَقَالَ صَاحِبُ " الْبَسِيطِ " : طُولُ الْمُدَّةِ وَقِصَرُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ فِيهِمَا ، فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ يَقْتَضِي زَمَنًا طَوِيلًا طَالَتِ الْمُهْلَةُ ، وَإِنْ كَانَ فِي التَّحْقِيقِ وُجُودُ الثَّانِي
[ ص: 258 ] عُقَيْبَ الْأَوَّلِ بِلَا مُهْلَةٍ ، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ يَقْتَضِي زَمَنًا قَصِيرًا ظَهَرَ التَّعْقِيبُ بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ ، فَالْآيَةُ وَارِدَةٌ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ بَيْنَ النُّطْفَةِ وَبَيْنَ الْعَلَقَةِ ، وَبَيْنَ زَمَنِ الْعَلَقَةِ وَزَمَنِ الْمُضْغَةِ طُولًا كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ ، وَعِنْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأَوَّلِ يُشْرَعُ فِي الثَّانِي بِلَا مُهْلَةٍ ، فَلَا يُنَافِي مَعْنَى الْفَاءِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْلَةَ بَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى زَمَنِ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفِعْلِ فَوُجُودُ الثَّانِي عَقِبَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ بَيْنَهُمَا ، هَذَا كُلُّهُ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ .
وَقَالَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ ( الْآيَةَ : 5 ) فَعَطَفَ الْكُلَّ بِـ " ثُمَّ " ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ : " ثُمَّ " لِمُلَاحَظَةِ أَوَّلِ زَمَنِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَالْفَاءُ لِمُلَاحَظَةِ آخِرِهِ ، وَبِهَذَا يَزُولُ سُؤَالُ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ وَاحِدٌ وَهُوَ مَعَ أَحَدِهِمَا بِالْفَاءِ وَهِيَ لِلتَّعْقِيبِ ، وَفِي الْأُخْرَى بِثُمَّ وَهِيَ لِلْمُهْلَةِ وَهُمَا مُتَنَاقِضَانِ .
وَقَدْ أَوْرَدَ
الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ هَذَا السُّؤَالَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( الزُّمَرِ : 7 ) وَفِي أُخْرَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=60ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ ( الْأَنْعَامِ : 60 ) .
وَأَجَابَ بِأَنَّ أَوَّلَ مَا تُحَاسَبُ أُمَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ الْأُمَمُ بَعْدَهُمْ ، فَتُحْمَلُ الْفَاءُ عَلَى أَوَّلِ الْمُحَاسَبِينَ ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ إِلَى الْجَمَاعَةِ إِذَا صَدَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=181وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ( آلِ عِمْرَانَ : 181 ) وَيُحْمَلُ " ثُمَّ " عَلَى تَمَامِ الْحِسَابِ .
فَإِنْ قِيلَ : حِسَابُ الْأَوَّلِينَ مُتَرَاخٍ عَنِ الْبَعْثِ فَكَيْفَ يَحْسُنُ الْفَاءُ ؟ فَيَعُودُ السُّؤَالُ .
[ ص: 259 ] قُلْنَا نَصَّ
الْفَارِسِيُّ فِي الْإِيضَاحِ عَلَى أَنَّ " ثُمَّ " أَشَدُّ تَرَاخِيًا مِنَ الْفَاءِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ لَهَا تَرَاخٍ ، وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَلَمْ يَدَّعِ أَنَّهَا لِلتَّعْقِيبِ إِلَّا الْمُتَأَخِّرُونَ انْتَهَى .
وَتَجِيءُ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ رُتْبَتَيْنِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ( الصَّافَّاتِ : 1 إِلَى 3 ) تَحْتَمِلُ الْفَاءُ فِيهِ تَفَاوُتَ رُتْبَةِ الصَّفِّ مِنَ الزَّجْرِ ، وَرُتْبَةِ الزَّجْرِ مِنَ التِّلَاوَةِ ، وَيُحْتَمَلُ تَفَاوُتُ رُتْبَةِ الْجِنْسِ الصَّافِّ مِنْ رُتْبَةِ الْجِنْسِ الزَّاجِرِ ، بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَفِّهِمْ وَزَجْرِهِمْ ، وَرُتْبَةِ الْجِنْسِ الزَّاجِرِ مِنَ الْجِنْسِ التَّالِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى زَجْرِهِ وَتِلَاوَتِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِلْفَاءِ مَعَ الصِّفَاتِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى تَرْتِيبِ مَعَانِيهَا فِي الْوُجُودِ كَقَوْلِهِ :
يَالَهْفَ زَيَّابَةَ لِلْحَارِثِ فَال 206 صَّابِحِ فَالْغَانِمِ فَالْآيِبِ
أَيِ الَّذِي أَصْبَحَ فَغَنِمَ فَآبَ .
الثَّانِي : أَنْ تَدُلَّ عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي التَّفَاوُتِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، نَحْوَ قَوْلِكَ : خُذِ الْأَكْمَلَ فَالْأَفْضَلَ ، وَاعْمَلِ الْأَحْسَنَ فَالْأَجْمَلَ .
الثَّالِثُ : أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى تَرْتِيبِ مَوْصُوفَاتِهَا ، فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ ، نَحْوُ :
رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ فَالْمُقَصِّرِينَ .
النَّوْعُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=28905لِمُجَرَّدِ السَّبَبِيَّةِ وَالرَّبْطِ ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ ( الْكَوْثَرِ : 1 - 2 ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً ، فَإِنَّهُ لَا يُعْطَفُ الْخَبَرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ ، وَعَكْسُهُ عَكْسُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ فِيمَا سَبَقَ ، مِنْ نَحْوِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ( الْأَعْلَى : 5 ) .
[ ص: 260 ] وَقَدْ تَأْتِي لَهُمَا ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=15فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ( الْقَصَصِ : 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=37فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ( الْبَقَرَةِ : 37 )
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ( الْوَاقِعَةِ : 52 إِلَى 55 ) .
وَقَدْ تَجِيءُ فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=26فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ ( الذَّارِيَاتِ : 26 - 27 ) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ( الْأَعْرَافِ : 175 ) فَهَذِهِ ثَلَاثُ فَاءَاتٍ ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى الْفَاءِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِذَا تَرَتَّبَ الْجَوَابُ بِالْفَاءِ ، فَتَارَةً يَتَسَبَّبُ عَنِ الْأَوَّلِ ، وَتَارَةً يُقَامُ مَقَامَ مَا تَسَبَّبَ عَنِ الْأَوَّلِ .
مِثَالُ الْجَارِي عَلَى طَرِيقِ السَّبَبِيَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ( الْأَعْلَى : 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ( الصَّافَّاتِ : 148 )
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=64فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ ( الْأَعْرَافِ : 64 ) .
وَمِثَالُ الثَّانِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60مَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ( الْإِسْرَاءِ : 60 )
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ ( الْأَحْقَافِ : 26 ) .
وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28905الْجَزَائِيَّةُ ، وَالْفَاءُ تَلْزَمُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلًا خَبَرِيًّا ، أَعْنِي مَاضِيًا وَمُضَارِعًا ، فَإِنْ كَانَ فِعْلًا خَبَرِيًّا امْتَنَعَ دُخُولُ الْفَاءِ ، فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ : الْعِلَّةِ ، وَتَعَاقُبِ الْفِعْلِ الْخَبَرِيِّ ، وَالْفَاءِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ ( يُوسُفَ : 26 - 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=90وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ( النَّمْلِ : 90 ) وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ( الْجِنِّ : 13 ) وَقِرَاءَةِ
حَمْزَةَ : " إِنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى " ( الْبَقَرَةِ : 282 ) .
[ ص: 261 ] وَعَنِ ارْتِفَاعِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=36وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ( الرُّومِ : 36 ) وَفِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ السُّؤَالُ عَنْ عِلَّةِ تَعَاقُبِ الْفِعْلِ وَالْفَاءِ ، أَنَّ الْجَوَابَ هُوَ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ ، يَجُوزُ اسْتِقْلَالُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى ارْتِبَاطِهَا بِالشَّرْطِ ، وَكَوْنِهَا جَوَابًا لَهُ ، فَإِذَا كَانَتِ الْجُمْلَةُ فِعْلِيَّةً صَالِحَةً لِأَنْ تَكُونَ جَزَاءً ، اكْتُفِيَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى كَوْنِهَا جَوَابًا ، لِأَنَّ الشَّرْطَ يَقْتَضِي جَوَابًا ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَصْلُحُ جَوَابًا وَلَمْ يُؤْتَ بِغَيْرِهَا ، فَلَزِمَ كَوْنُهَا جَوَابًا ، وَإِذَا تَعَقَّبَتِ الْجَوَابَ امْتَنَعَ دُخُولُ الْفَاءِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا ، فَإِنْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ غَيْرَ فِعْلِيَّةٍ لَمْ تَكُنْ صَالِحَةً لِلْجَوَابِ بِنَفْسِهَا ، لِأَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا يَقْتَضِي فِعْلَيْنِ : شَرْطًا وَجَزَاءً ، فَمَا لَيْسَ فِعْلًا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ أَدَاةِ الشَّرْطِ ، حَتَّى يَدُلَّ اقْتِضَاؤُهَا عَلَى أَنَّهُ الْجَزَاءُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ رَابِطَةٍ فَجَعَلُوا الْفَاءَ رَابِطَةً ، لِأَنَّهَا لِلتَّعْقِيبِ ، فَيَدُلُّ تَعْقِيبُهَا الشَّرْطَ بِتِلْكَ الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّهَا الْجَزَاءُ ، فَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي تَعَاقُبِ الْفِعْلِ وَالْفَاءِ فِي بَابِ الْجَزَاءِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي : هُوَ أَنَّ اجْتِمَاعَ الْفِعْلِ وَالْفَاءِ فِي الْآيَتَيْنِ غَيْرُ مُبْطِلٍ لِلْمُدَّعِي بِتَعَاقُبِهِمَا وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ تَعَاقُبَهُمَا إِذَا كَانَ الْفِعْلُ صَالِحًا لِأَنْ يُجَازَى بِهِ ، وَهُوَ إِذَا مَا كَانَ صَالِحًا لِلِاسْتِقْبَالِ لِأَنَّ الْجَزَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَقْبَلًا .
وَقَوْلُهُ : صَدَقَتْ وَ كَذَبَتِ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ فِي الْآيَةِ الْمُضِيُّ ، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا فَوَجَبَتِ الْفَاءُ .
فَإِنْ قِيلَ : فَلِمَ سَقَطَتِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ( الشُّورَى : 37 ) قُلْنَا عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَجْوِبَةٍ :
[ ص: 262 ] أَحَدُهَا : أَنَّ إِذَا فِي الْآيَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا بَلْ لِمُجَرَّدِ الزَّمَانِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَالَّذِينَ هُمْ يَنْتَصِرُونَ زَمَانَ إِصَابَةِ الْبَغْيِ لَهُمْ .
وَالثَّانِي : أَنَّ " هُمْ " زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ الْفَاءَ حَسَّنَ حَذْفَهَا كَوْنُ الْفِعْلِ مَاضِيًا .
وَبِالْأَوَّلِ يُجَابُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=25وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ( الْجَاثِيَةِ : 25 ) وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْفِعْلَ وَالْفَاءَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=36وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ( الرُّومِ : 36 ) فَهُوَ أَنَّ " إِذَا " قَامَتْ مَقَامَ الْفَاءِ ، وَسَدَّتْ مَسَدَّهَا لِحُصُولِ الرَّبْطِ بِهَا ، كَمَا يَحْصُلُ بِالْفَاءِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ إِذَا لِلْمُفَاجَأَةِ ، وَفِي الْمُفَاجَأَةِ مَعْنَى التَّعْقِيبِ .
وَأَمَّا الْأَخْفَشُ فَإِنَّهُ جَوَّزَ حَذْفَ الْفَاءِ حَيْثُ يُوجِبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ دُخُولَهَا ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ( الْأَنْعَامِ : 121 ) .
وَبِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ( الشُّورَى : 30 ) فِي قِرَاءَةِ
نَافِعٍ وَابْنِ عَامِرٍ .
وَلَا حُجَّةَ فِيهِ ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابَ قَسَمٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَاللَّهِ إِنْ أَطْعَمْتُمُوهُمْ فَتَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ جَوَابًا لِلْقَسَمِ ، وَالْجَزَاءُ مَحْذُوفٌ سَدَّ جَوَابُ الْقِسْمِ مَسَدَّهُ .
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ ، فَلِأَنَّ ( مَا ) فِيهِ مَوْصُولَةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ ، فَلَمْ يَجُزْ دُخُولُ الْفَاءِ فِي خَبَرِهَا .
وَالرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28905الزَّائِدَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=57فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ ( ص : 57 ) وَالْخَبَرُ حَمِيمٌ وَمَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضٌ .
وَجَعَلَ مِنْهُ
الْأَخْفَشُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=2فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ( الْمَاعُونِ : 2 ) .
[ ص: 263 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : هِيَ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ ، أَيْ إِنْ أَرَدْتَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ . وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( الْكَوْثَرِ : 2 ) عَلَى قَوْلٍ .