53 - كلا وكلتا
هما توكيد الاثنين ، وفيهما معنى الإحاطة ; ولهذا قال الشيخ الراغب : هي في التثنية ككل في الجمع ، ومفرد اللفظ مثنى المعنى ، عبر عنه مرة بلفظه ، ومرة بلفظ الاثنين اعتبارا بمعناه ، قال تعالى : إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ( الإسراء : 23 ) .
قلت : لا خلاف أن معناها التثنية ، واختلف في لفظها فقال البصريون : مفردة ، وقال الكوفيون : تثنية .
والصحيح الأول ، بدليل عود الضمير إليها مفردا في قوله : كلتا الجنتين آتت ( الكهف : 33 ) فالإخبار عن كلتا بالمفرد دليل على أنها مفرد ، إذ لو كان مثنى لقال : آتتا ، ودليل إضافتها إلى المثنى في قوله : أحدهما أو كلاهما ( الإسراء : 23 ) ولو كان [ ص: 282 ] مثنى لم يجز إضافته إلى التثنية ؛ لأنه لا يجوز إضافة الشيء إلى نفسه ، والفصيح مراعاة اللفظ ؛ لأنه الذي ورد به القرآن ، فيقال : كلا الرجلين خرج ، وكلتا المرأتين حضرت .
وقد نازع بعض المتأخرين وقال : ليس معناه التثنية على الإطلاق كما ذكره النحاة ، ولو كان كذلك لكثرت مراعاة المعنى ، كما كثرت مراعاته في " من " و " ما " الموصولتين ، لكن أكثر ما جاء في لسان العرب عود الضمير مفردا كقوله تعالى : كلتا الجنتين آتت ( الكهف : 33 ) وما جاء فيه مراعاة المعنى في غاية القلة .
قال : فالصواب أن معناها مفرد صالح لكل من الأمرين المضاف إليهما ، وأما مراعاة التثنية فيه فعلى سبيل التوسع ، ووجه التوسع أن كل فرد في جانب الثبوت معه غيره . فجاءت التثنية بهذا الاعتبار ، فالإفراد فيه مراعاة المعنى واللفظ ، والتثنية مراعاة المعنى من بعض الوجوه
( فائدة ) . وقع في شعر أبي تمام كلا الآفاق ، وخطأه لأن كلا يستعمل في الاثنين لا الجمع . المعري ،
قال : ولم يأت في المسموع كلا القوم ، ولا كلا الأصحاب ، وإنما يقال : كلا الرجلين ونحوه ، فإن أخذ من الكلأ من قولك : كلأت الشيء إذا رعيته وحفظته ، فالمعنى يصح إلا أن المتكلم يقصر ، وهي ممدودة .