مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن ، فله أن يأكله إذا خاف فساده ويغرمه لربه ، ( وقال ) فيما وضعه بخطه - لا أعلمه سمع منه - : إذا خاف فساده [ ص: 25 ] أحببت أن يبيعه ويقيم على تعريفه ، ( قال كانت اللقطة طعاما رطبا لا يبقى المزني ) : هذا أولى القولين به : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل للملتقط شأنك بها إلا بعد سنة ، إلا أن يكون في موضع مهلكة كالشاة فيكون له أكله ويغرمه إذا جاء صاحبه " .
قال الماوردي : أما الطعام الرطب فضربان :
أحدهما : أن يكون مما ييبس فيبقى كالرطب الذي يصير خمرا ، والعنب الذي يصير زبيبا ، فهذا حكمه حكم غير الطعام في وجوب تعريفه واستبقائه ، فإن احتاج تجفيفه إلى مؤنة ، كانت على مالكه ، ويفعل الحاكم أحظ الأمرين للمالك من بيعه أو الإنفاق عليه .
والضرب الثاني : أن يكون مما لا يبقى ، كالطعام الذي يفسد بالإمساك ، كالهريسة ، والفواكه ، والبقول التي لا تبقى على الأيام ، فقد حكى المزني عن الشافعي هاهنا أنه قال في موضع : يأكله الواجد ، وقال في موضع آخر : أحببت أن يبيعه . فاختلف أصحابنا ، فكان أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وطائفة من أصحابنا يخرجونه على قولين :
أحدهما : لواجده أكله ، كالشاة التي لما تعذر استبقاؤها أبيح لواجدها أكلها .
والقول الثاني : ليس لواجده أكله ، بخلاف الشاة التي لا يجب تعريفها فأبيح له أكلها والطعام ، وإن كان رطبا يجب تعريفه ، فلم يستبح واجده أكله . وحكى أبو علي بن أبي هريرة أن ذلك على اختلاف حالين إن كان الحاكم موجودا يقدر على بيعه لم يكن لواجده أكله ، وإن كان معدوما جاز أكله ، وكان أبو القاسم الصيمري - رحمه الله - يقول : اختلاف حاليه في إباحة أكله معتبر بحال واجده ، فإن كان فقيرا محتاجا استباح أكله ، وإن كان غنيا لم يستبحه .