الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن كان عبدا وحرا دفع إلى الحر " .

                                                                                                                                            [ ص: 42 ] قال الماوردي : وهذا صحيح إذا اجتمع على التقاطه حر وعبد ، فالحر أولى بكفالته من العبد لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن العبد مولى عليه فلم يصح أن يكون واليا .

                                                                                                                                            والثاني : أن العبد ممنوع من كفالته لخدمة سيده ، فلو انفرد العبد بالتقاطه ، فإن كان بإذن سيده فالسيد هو الملتقط : لأن يد العبد يد له وهو المستحق لكفالته ، وإن كان بغير إذن سيده لم يجز ، بخلاف اللقطة في أحد القولين : لأن اللقطة كسب وهذه ولاية ، فلو أخذه السيد من عبده وقد التقطه بغير إذن ، فإن كان بعد رفعه إلى الحاكم فهو أولى : لأن يد العبد لما لم تكن مقرة لم يكن لها حكم ، وصار كأن السيد هو الملتقط له ، وهكذا حكم المدبر في التقاطه كالعبد ، وأما المكاتب فإن عللنا منع العبد منه بأنه من غير أهل الولاية فالمكاتب ممنوع فيه ، وإن عللناه بأنه ممنوع فيه لخدمة السيد فالمكاتب مستحق لكفالته : لأنه أملك من السيد بمنافع نفسه ولو شاركه في التقاطه حر ، كان الحر أولى به منه على العلتين لكمال الحر ونقص المكاتب ، وأما الذي نصفه حر ونصفه عبد فله حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يكون غير مهايأة فهو كالعبد لا حق له في كفالته ما لم يأذن له المالك لرقه لإشراك حكمه ، وأن الشركة فيه مانعة عن كفالته .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون مهايأة ، فلا يخلو حال التقاطه من أحد أمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يلتقطه في زمان السيد فيكون فيه كالعبد لا حق له في كفالته .

                                                                                                                                            والثاني : أن يلتقطه في زمان نفسه ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مستحق لكفالته : لأنه في زمانه كالحر . والوجه الثاني : لا حق له في كفالته لنقصه وأنه سيعود إلى المنع في غير زمانه وعلى كلا الوجهين لو شاركه الحر في التقاطه كان أحق به منه لكماله على من قصر عن حريته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية