الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الزوجة فيجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها من السهام كلها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يجوز استدلالا بأنه أحد الزوجين فمنع زكاة صاحبه كالزوج إلى زوجته .

                                                                                                                                            ولأنه وارث لا يسقط بالحجب ، فوجب أن يمنع من الزكاة كالأب .

                                                                                                                                            ولأنه قد ترتفق بدفع زكاتها إليه : لأنه قد يستغني بها فتلزمه لها نفقة موسر .

                                                                                                                                            ودليلنا عموم قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين ، وحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لزينب امرأة عبد الله بن مسعود : " زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم " ، فكان على عمومه .

                                                                                                                                            فإن قيل فهذا محمول على التطوع : لأنه جمع بين الزوج والولد ولا يجوز أن يدفع إلى الولد من الفرض فثبت أنه التطوع ، فعن ذلك جوابان :

                                                                                                                                            أحدهما وهو جواب أبي عبيد أنه يحتمل أن يكون أولاده من غيرها .

                                                                                                                                            [ ص: 538 ] الثاني وهو جواب الشافعي : أن أولاده وإن كانوا منها فإنهم كانوا بالغين أصحاء فسقطت نفقاتهم وجاز دفع الزكاة إليهم .

                                                                                                                                            ومن القياس أنه نسب لا يستحق به النفقة فلم تحرم به الصدقة قياسا على ذوي الأرحام ، ولأن الزوج مع الزوجة بمنزلة الأجنبي في سقوط النفقة ، فوجب أن يكون بمنزلته في استباحة الصدقة .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن قياسهم على منع الزوج من دفعها إلى زوجته فهو لأن نفقتها تلزمه فمنعت من صدقته ونفقته لا تلزمها فلم يمنع من صدقتها ، وأما قياسه على الأب بعلة أنه لا يسقط بالحجب ، فالمعنى فيه أن الأب تميز باستحقاق النفقة فيمنع من الصدقة وليس كذلك الزوج .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قولهم أنها قد ترتفق بدفع زكاتها إليه ، فهو أنها لا ترتفق بالدفع ، وإنما ترتفق بما قد يحدث بعده من اليسار وذلك لا يمنع من الزكاة كمن دفعها إلى غريم له فأخذها من بعد قبضها من دينه جاز ، ولا يكون ذلك رفقا يمنع من جوازها لحصول ذلك بعد استقرار الملك بالقبض ، كذلك ما يأخذه الزوج ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية