الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما رد الضالة عن أمر مالكها فضربان : أحدهما أن يجعل له عند الأمر بردها عوضا فذلك مستحق ، فإن كان عوضا معلوما وعقدا صحيحا استحقه ، وإن كان عوضا مجهولا وعقدا فاسدا استحق أجرة المثل ، قال الله تعالى : قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم [ يوسف : 72 ] ، وكان حمل البعير عندهم معلوما كالوسق ، والضرب الثاني أن لا يذكر مع الأمر بالرد عوضا لا صحيحا ولا فاسدا ، بل قال له فلان : جئني بعبدي الآبق . فقد اختلف أصحابنا هل يستحق عليه أجرة مثله بمجرد الأمر أم لا ؟ على أربعة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها وهو مذهب الشافعي : أنه لا أجرة له ، سواء كان معروفا بأخذ الأجرة على ذلك أو لا ، لتردد الأمرين بين احتمال تطوع واستعجال .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو مذهب المزني : له أجرة المثل ، سواء كان معروفا بذلك أو غير معروف لاستهلاك منافعه بأخذه .

                                                                                                                                            والوجه الثالث وهو مذهب ابن سريج : أنه إن كان معروفا بذلك فله أجرة المثل ، وإن كان غير معروف فلا أجرة له اعتبارا .

                                                                                                                                            والوجه الرابع وهو مذهب أبي إسحاق المروزي : أنه إن ابتدأه مالك العبد بالأمر ، فعليه أجرة المثل ، وإن استأذنه الجاني بالضالة فأذن له ، فلا أجرة له اقتصارا على حكم أسبق الحالين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية