[ ص: 34 ] باب التقاط المنبوذ يوجد معه الشيء بما وضع بخطه  
لا أعلمه سمع منه ، ومن مسائل شتى سمعتها منه لفظا .  
قال  الشافعي      - رحمه الله تعالى - فيما وضع بخطه :  وما وجد تحت المنبوذ من شيء مدفون من ضرب الإسلام أو كان قريبا منه   فهو لقطة ، أو كانت دابة فهي ضالة ، فإن وجد على دابته أو على فراشه أو على ثوبه مال فهو له " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال ، أما المنبوذ فهو الطفل يلقى : لأن النبذ في كلامهم الإلقاء ، وسمي لقيطا لالتقاط واجده له ، وقد تفعل المرأة ذلك بولدها لأمور : منها أن تأتي به من فاحشة فتخاف العار فتلقيه ، أو تأتي به من زوج تضعف عن القيام به فتلقيه رجاء أن يأخذه من يقوم به ، أو تموت الأم فيبقى ضائعا فيصير فرض كفاية ، والقيام بتربيته على كافة من علم بحاله حتى يقوم بكفالته منهم من فيه كفاية كالجماعة إذا رأوا غريقا يهلك أو من ظفر به سبع فعليهم خلاصه واستنقاذه .  
لقوله - عز وجل - :  ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا      [ المائدة 32 ] وفيه تأويلان :  
أحدهما : أن على جميع الناس شكره حتى كأنه قد أحياهم ، والثاني : أنه قد ناب عن جميع الناس في إحيائه .  
ولقوله تعالى :  وتعاونوا على البر والتقوى      [ المائدة : 2 ] ولقوله تعالى :  وافعلوا الخير      [ الحج : 177 ] فدلت هذه الآية على الندب على أخذه والتوصل إلى حراسة نفسه ، وقد قال تعالى في قصة  موسى      - صلى الله عليه وسلم - :  فالتقطه آل فرعون      [ القصص : 8 ] طلبا لحفظ نفسه ورغبة في ثوابه .  
وروي  أن منبوذا وجد على عهد  عمر      - رضي الله عنه - فاستأجر له امرأة تكفله ، واستشار الصحابة في النفقة فأشاروا أن ينفق عليه من بيت المال  ، وروى  الزهري   عن  أبى جميلة   أنه قال : أخذت منبوذا على عهد  عمر      - رضي الله عنه - فذكره عريفي  لعمر   فأرسل إلي فدعاني والعريف عنده ، قال عسى الغوير أبؤسا ، فقال عريفي : إنه لا يفهم . فقال  عمر      : ما حملك على ما صنعت ؟ فقلت : وجدت نفسا مضيعة فأحببت أن يأجرني الله - عز وجل - فيها . قال : هو حر وولاؤه لك ، وعلينا رضاعه     .  
				
						
						
