مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ويأمره بالإنفاق منه عليه بالمعروف وما أخذ ثمنه الملتقط وأنفق منه عليه بغير أمر الحاكم فهو ضامن " .
قال الماوردي : وهذا كما قال . ، كما يجب نفقة الطفل إذا كان له مال في ماله دون مال أبيه ، فإن إذا وجد مع اللقيط مال كانت نفقته في ماله كان محسنا كالأب إذا تطوع بالإنفاق على ولده الغني ، وإن أراد الملتقط أن ينفق عليه من ماله لزمه استئذان الحاكم فيه ، سواء قيل إن للحاكم عليه نظر في اللقيط أو ليس له : لأن للحاكم نظرا في ماله لا يختلف فيه ، فإن أنفق بغير إذن لم يخل حاله من أحد أمرين : إما أن يكون قادرا على استئذانه أو غير قادر ، فإن كان قادرا على استئذانه كان ضامنا لما أنفق قصدا أو سرفا : لأن الحاكم هو الوالي على المال دونه وصار ذلك ، وإن وصل إلى مالكه كمن أخذ علف رجل أعده لدابته فأطعمها إياه ضمنها له وإن وصل إليه ، وإن لم يقدر على استئذان الحاكم ، ففي ضمانه وجهان : تطوع الملتقط وأنفق عليه من مال نفسه
كالجمال إذا هرب من مستأجره فاكترى لنفسه عند إعواز حاكم ليستأذنه أحد الوجهين أن يسترجع المستأجر ولا يضمن الملتقط لضرورتها ، والثاني لا يرجع المستأجر ويضمن [ ص: 38 ] الملتقط : لئلا يكونا حاكمي أنفسهما ، ومن أصحابنا من فرق بين هرب الجمال وبين ملتقط المنبوذ ، فجعل للمستأجر أن يرجع وجعل الملتقط ضامنا : لأن المستأجر مضطر إلى استيفاء حقه ، وليس الملتقط مضطر إلى التقاطه ، وهذا لا وجه له : لأنه ربما وجده ضائعا في مهلكة فلزمه أخذه لنفسه .